في سوريا.. السيارات ترتفع أسعارها رغم انتهاء عمرها الاقتصادي

دمشق ـ نورث برس

كل مؤشراتها تبدأ بالانخفاض سواء من حيث العمر أو الجودة, إلا مؤشر السعر يبقى في صعود مستمر، حتى أن من اشترى سيارة قبل عامين يمكنه أن يبيعها الآن بأضعاف سعرها.

في سوريا نادراً ما تتحول السيارات إلى خردة كما يحصل في أغلب دول العالم، لكن مهما أصبح وضعها “مهترئ” تظل تسير وفي شوارع العاصمة طالما هنالك محركاً يدور.

في صعود

يقول موظف في القطاع الخاص، سامي اسمندر، لنورث برس، إنه اشترى سيارة نوع “أفانتي” موديل 2008، بسعر 800 ألف ليرة أي ما يعادل 16 ألف دولار عندما كان سعر الدولار يعادل 50 ليرة في تلك الأيام.

وبعد استخدامها لمدة لا تقل عن 13 عاماً، يمكنه الآن بيعها بسعر 70 مليون ليرة أي 17.5 ألف دولار، (سعر الدولار حالياً حوالي 4000 ليرة).

في حين يؤكد الموظف الحكومي أحمد سلامي، أنه اشترى سيارة نوع “بيجو” تعود لفترة السبعينات بسعر 250 ألف ليرة، واستخدمها أكثر من 25 عاماً، ثم باعها مؤخراً بمبلغ 16 مليون ليرة.

تاريخية

يقول عضو في جمعية السيارات بدمشق وريفها، لنورث برس، إن هنالك سيارات في دمشق عمرها لا يقل عن ثمانين عاماً، حيث تعود لمرحلة الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي.

وأشار المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن السيارات التي تعود لمرحلة السبعينات لا يقل سعرها عن 15 مليون ليرة، وقال إن “الطلب على هذا النوع من السيارات كبير من قبل الفقراء بسبب سعرها المنخفض قياساً بالسيارات الأحدث”.

وبين أن النوع الأحدث في سوريا يعود إلى حقبة الألفين أي أن عمرها لا يقل عن 17 عاماً.

لا يوجد بدائل

وذكر صاحب محل تصليح سيارات في الفحامة بدمشق، لنورث برس، أن أغلب السيارات القديمة لا يوجد لها قطع غيار بعد الحصار والحرب.

وأشار إلى أن الكثير من السيارات التي كان يتابع صيانتها لم يعد بالإمكان تبديل ما يجب تبديله فيها، بسبب قدمها وتآكل معظم معداتها.

ولكنه قال إن أصحابها “يتاجرون أو يستخدمون مخصصاتها من البنزين المدعوم لذلك لا يبيعونها”.

وقد سبق لرئيس جمعية صيانة السيارات بدمشق يوسف جزائرلي، أن قدر نسبة السيارات القديمة جداً التي تسير في شوارع دمشق بما لا يقل عن 10%، وتعود لأعوام 1947, و1953, و1975.

منع الاستيراد

وإذا كان سعر السيارات التي تعود للتواريخ المذكورة آنفاً لا يقل عن 15 مليون ليرة، فمن الطبيعي أن يصل سعر سيارة “مازدا”  تعود لمرحلة الثمانينات إلى أكثر من 22 مليون ليرة، وسيارة “كولف” لعام 1983 سعرها لا يقل أيضاً عن 25 مليون ليرة.

وصدر قرار حكومي بمنع استيراد السيارات منذ بداية الحرب 2011, وذلك  بعد تطبيق سياسة الحصار الاقتصادي على سوريا من جهة, وضمن خطة سياسة ترشيد الاستهلاك والتخلي عن استيراد الكماليات من جهة ثانية, حيث تصنف السيارات السياحية من ضمن الكماليات.

الاستفادة من حديدها

وأشار المصدر في جمعية السيارات، لنورث برس، إلى أن أكثر السيارات الموجودة حالياً في سوريا تعود لفترة 2006، ووصف قرار منع استيراد السيارات بأنه “ملأ البلد بالسيارات المستهلكة القديمة التي يجب أن تذهب إلى معمل حماة ليتم كبسها والاستفادة من حديدها”.

وبيّن أن استمرار تحرك هذه السيارات يتسبب بتكاليف كبيرة على الاقتصاد الوطني بسبب استهلاكها الكبير للمحروقات من جهة، وأعطالها وحاجتها الدائمة للإصلاح.

الحل بالاستيراد

وأشار المصدر إلى أن إيجابيات فتح باب استيراد السيارات أكثر من سلبياته، وأن تنسيق هذه السيارات والتخلص منها أمر في غاية الأهمية الاقتصادية, إضافة للتخفيف من المخاطر الكبيرة على أرواح مستخدميها, بسبب وقوع الكثير من الحوادث والتسبب بوفيات شبه يومية نتيجة عدم صلاحية تلك المركبات للعمل خاصة عندما تكون الوسيلة من وسائل النقل العامة.

عشرات الضحايا

 وتسجل أفرع المرور عشرات الحوادث الشهرية وعشرات الضحايا أيضاً في مختلف المحافظات ومعظمها يعود لخلل في المركبة وأعطال فنية أو انفجار العجلة.

وللعجلات قصة أخرى، حيث تنفرد سوريا عن غيرها من كثير من الدول بانتشار ظاهرة بيع الدواليب المستعملة بسبب ارتفاع سعر الجديدة, حيث أن سعر طقم الدواليب لا يقل عن مليون ليرة، بينما كان سعره لا يتجاوز 8 آلاف ليرة، لذلك يتم استخدام عجلات السيارات حتى الرمق الأخير.

ارتفاع كبير

ينشط سوق تصليح السيارات في سوريا مع وجود هذه الأنواع من السيارات، ويعاني كل من يقصد “المكنسيان” (معلم صيانة السيارات)، من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار يتحرك يومياً.

يقول صاحب محل لتصليح السيارات في منطقة القدم بدمشق، إن أسعار قطع الغيار ارتفعت أكثر من 500%، وأن نوعياتها تدنت، إذ أن أغلب المتوافر منها حالياً من النوع الصيني الأقل جودة, في حين كان سابقاً من النوع الكوري.

ولكثرة الطلب على محلات تصليح السيارات تنتشر تلك المحلات في مختلف الأماكن المخصصة وغير المخصصة لها، ولم تجد طريقها لتنفيذ كل مطالب المحافظة بنقل ورش التصليح إلى المكان المخصص لذلك في منطقة القدم.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله