بين قطع مياه محطة علوك ومشاريع محلية لم تنجح.. الحسكة عطشى

الحسكة – نورث برس

في مشهد بات اعتيادياً في شوارع الحسكة، تنهمك نساء وأطفال ورجال في نقل المياه من الخزانات التي وضعتها منظمات في الأحياء، إلى منازلهم عبر غالونات وأسطل تختلف أحجامها بحسب قدرة الشخص على حملها.

وفي حارات أخرى، يشاهد صهاريج وتسمع أصوات ضخ المياه إلى خزانات السكان فوق أسطح الأبنية، بينما تجد في شوارع أخرى سكاناً وضعوا خزانات خلف سياراتهم وينقلون عبرها المياه من الآبار التي حفرها البعض في الأحياء، إلى منازلهم.

وأكثر ما يلفت النظر، مشاركة أطفال صغار لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات في نقل المياه تحت أشعة الشمس، ونساء تتجاوز أعمارهن الـ 50 عاماً، يقمن بدحرجة براميل مياه صغيرة بعد تعبئتها من الخزانات، تارة بأيديهن وتارة بأرجلهن للوصول بها إلى منازلهن.

ولم تنحل مشكلة المياه في الحسكة حتى الآن، رغم الوعود المتكررة لمسؤولي الإدارة الذاتية في الحسكة وشمال شرقي سوريا، بإيجاد بدائل لمحطة علوك بريف سري كانيه والتي تسيطر عليها القوات التركية والفصائل الموالية لها.

بدائل لم تنجح

البدائل وبحسب تصريحات المسؤولين، كان أحدها مشروع آبار الحمّة شمال غرب الحسكة، وكان من المقرر أن يؤمن نحو 50 بالمئة من حاجة الحسكة بمياه الشرب.

المشروع أطلقته الإدارة الذاتية أواخر آذار/ مارس 2020، وقالت حينها، إنها ستقوم بحفر 50 بئراً في محطة الحمّة وذلك خلال 29 يوماً، لكن تنفيذه تأخّر حتى آب/ أغسطس الحالي، وانقطعت المياه بعد أيام معدودة من وضعها ضمن الخدمة.

البديل الثاني كان العمل على مشروع استجرار مياه الفرات من ريف دير الزور إلى الحسكة.

وبداية العام الماضي، بدأت الإدارة الذاتية العمل في هذا المشروع، وكان من المقرر أن ينتهي إنجازه خلال ثلاثة أشهر، بتكلفة مالية قُدرت بمليون ونصف المليون دولار أميركي، بحسب بيان سابق للإدارة الذاتية.

ولكن وبحسب مسؤولين فإن العديد من العوائق صادفت العمل، وأهمها التعديات التي قام بها مزارعون وسكان في الريف الجنوبي من خلال جر المياه من الخطوط نحو منازلهم أو الأراضي الزراعية، إلى جانب وجود انسدادات في الخط، حالت دون إنهاء المشروع في المدة الزمنية المحددة.

ووعد المشرفون حينها بالانتهاء من المشروع في نيسان/ أبريل، ولكن مع مرور أكثر من 20 شهراً على بدء المشروع، لم تصل مياه الفرات لصنابير السكان في الغالبية العظمى من أحياء الحسكة.

في حين وصلت ولأول مرة لحيي الصالحية والمفتي أواخر تموز/ يوليو الماضي، ولمدة ساعتين قبل أن يتم إيقاف الضخ.

آبار جفت

وكانت أزمة المياه بدأت بعد سيطرة تركيا وفصائل المعارضة الموالية لها على محطة مياه علوك في سري كانيه، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019، حيث تعتبر المغذي الرئيسي للحسكة وعدد من النواحي.

وفي وقت سابق كان آلدار آمد، الرئيس المشارك للجنة البلديات في مقاطعة الحسكة، قال لنورث برس، إن تحكم تركيا بمحطة آبار علوك للمياه وعدم تشغيل عدد كافٍ من الآبار يدفعهم إلى اتباع نظام التقنين في ضخ المياه لأحياء الحسكة.

وتقسم مدينة الحسكة وفق نظام التقنين الخاص بتوزيع المياه إلى خمسة أقسام، يحصل كل منها على حصته من الضخ مرة كل نحو أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع خلال الفترة الأخيرة.

وكان السكان خلال العامين الماضيين، حفروا آباراً سطحية أمام منازلهم ومياهها مرة ومالحة، ولكن غالبيتها جفت مع انخفاض منسوب المياه، بحسب سكان.

ويقول علي السالم (43 عاماً)، من سكان حي النشوة الغربية، إنه يحتاج لنحو 30 إلى 40 ألف ليرة أسبوعياً لشراء المياه من الصهاريج.

ويضيف: “هناك عائلات تدفع 100 ألف ليرة كل شهر مقابل ملء خزاناتها كل عدة أيام”.

“استغلال أزمة المياه”

وأمام هذا الحال، يتذمر عباس العليوي، من سكان حي النشوة الغربية بالحسكة، من ما وصفه “استغلال” أصحاب الصهاريج لأزمة المياه، في ظل ضعف الضخ وتأخره في بعض الأحيان لثلاثة أسابيع.

ويقول الرجل، إن مياه الشبكة لم تصل لمنزله منذ قرابة الشهر.

ويضيف: “أصحاب الصهاريج يحددون أسعار الخزان على هواهم، تعبئة خمسة براميل يتراوح سعرها بين 7 إلى 8 آلاف ليرة سورية، في حين يطلبون 10 آلاف ليرة لكل خزان في الحارات الضيقة أو تلك التي يصعب التنقل فيها”.

ولكن خالد جمال (39 عاماً)، وهو صاحب صهريج نقل مياه، يرى أن أسعار تعبئة الخزانات “قليلة ولا تساوي شيئاً بالمقارنة مع تكاليف أعطال الصهاريج”.

ويقول إنه يشتري المحروقات من السوق السوداء بنحو ألف ليرة لكل ليتر ويبيع كل خمسة براميل بستة إلى سبعة آلاف ليرة ويجني نحو 100 ألف ليرة في كل سفرة، “ولكنني أدفع 12 ألف ليرة لصاحب بئر المياه”.

كما أن هناك مصاريف عديدة، حيث “غيار زيت المحرك لمرة واحدة يكلف نحو 350 ألف ليرة سورية، ونقوم بتغيير أسبوعياً، ناهيك عن الأعطال وتغيير الإطارات كل فترة قصيرة”، بحسب “جمال”.

إعداد وتحرير: سوزدار محمد