درعا/ السويداء – نورث برس
يشهد الجنوب السوري تطورات متسارعة في الأحداث، ويرى محللون أن مصير الجنوب هو من سيحدد مستقبل سوريا الحديث، فمنذ أحد عشرة سنة مازال الجنوب يشكل بأحداثه نقلات نوعية ومصيرية للبلاد.
ويقول الكاتب الصحفي، حافظ قرقوط، من السويداء، إنَّ ما حدث مؤخراً في السويداء، هو “هبّةُ شعبية تعبر عن ضمير ووجدان الناس، حيث أعادت التوازن للمجتمع وأعادت له بنيته للتأثير وتحديد مستقبل المنطقة بعيداً عن الجماعات المسلحة التابعة للحكومة السورية”.
وفي الثالث والعشرين في شهر تموز/ يوليو الماضي، شهدت محافظة السويداء حراكاً شعبياً مدعوماً من فصائل محلية ومن حركة رجال الكرامة للقضاء علي مجموعات مسلحة تابعة للأمن العسكري بقيادة راجي فلحوط.
وأسفر الحراك عن سقوط مقرات مجموعة “فلحوط” في بلدتي عتيل وسليم شمال السويداء.
ومنذ سنوات تشهد محافظة السويداء، المحاذية للحدود السورية الأردنية، حركات احتجاج على سوء الأوضاع الاقتصادية والتي تدفع الشبان إلى الهجرة.
وتعتمد الحكومة على مجموعات محلية مسلحة لضبط المحافظة، والتي بدورها سببت حالة من الفلتان الأمني.
وأعرب “قرقوط” في حديث لنورث برس، عن اعتقاده في أن “السويداء بعد هذا الحراك ليست كما قبله، حيث شكل درساً للكثير من العصابات في المحافظة”.
وشدد على أن هذه “الهبة الشعبية” تعتبر “إعادة توازن للمجتمع ولبنيته، للتأثير في خط التاريخ الذي يمكن أن يصنع المستقبل”.
وأشار إلى أن “الحكومة السورية عبر أذرعها في المنطقة تسعى لزعزعة الأمن، وخاصة أن السويداء على تخوم البادية التي تستفيد منها الحكومة في تهريب المخدرات”.
وشدد على أن الوضع في السويداء لن يشهد هدوءاً طالما أن هناك تواجداً للقوات الحكومية، وعناصر مجموعات مسلحة تتبع لها.
نصيب درعا
حالة عدم الاستقرار وزعزعة الأمن لم تقتصر على السويداء، فدرعا الجارة كان لها نصيب من الفوضى والفلتان الأمني، رغم أن ما يجري فيها مختلف عن جارتها إلا أن السبب واحد.
ومنذ تاريخ التسوية في 2018، لا تزال درعا تشهد حالة من الفلتان الأمني مترافقة مع أعمال خطف واغتيالات وفوضى، تتعدد المجموعات المسؤولة عنها.
وقال الباحث والصحفي حسام البرم المقيم في فرنسا، إنَّ ما يجري في السويداء منفصل تماماً عن أحداث محافظة درعا وتحديداً في طفس وجاسم بريف درعا”.
وشدد في حديث لنورث برس على أنه “لا يمكن ربط ما يجري في درعا بالسويداء لأن حسابات النظام مختلفة في كلا المنطقتين”.
وأضاف، أنَّ “ازدياد الضغط من قبل الموالين للنظام، أجبره على التحرك بشكل أو بآخر في درعا، رداً على عمليات الاغتيال التي بدأت تأخذ شكلاً ممنهجاً ومؤثراً وقادراً على قصم ظهره”.
ولكنه أشار إلى أنه في النهاية، “لن يكون هناك أي تغير حقيقي، وإنما إعادة ضبط وإعادة دخول النظام في المنطقة وتحقيق مكاسب جديدة معنوية وقد تكون سياسية في بعض الأحيان”.
رسائل الجنوب
وفي ظل تلك الفوضى والفلتان الأمني في الجنوب السوري، تظهر محاولات التدخل الإيراني وحزب الله اللبناني في المنطقة.
لكن “قرقوط”، رأى أن ما جرى في السويداء من حراك، “كان رسالة عصية لإيران وحزب الله، على اختراقها”.
وقال إن “إيران تتعامل من المنطقة الجنوبية بطريقة رقعة الشطرنج، فهي تدرك أن التعامل مع السويداء يختلف عن التعامل مع محافظة درعا”.
وأرجع السبب في ذلك لـ”الطبيعة التاريخية والاجتماعية بشكل عام على الرغم من التقارب العام في الكثير من الأمور بين المحافظتين”.
وأشار “قرقوط”، لوجود “تنسيق على كافة الأصعدة بين المجتمع المدني في درعا والسويداء عن طريق جماعات ومثقفين، تحسباً لأي شيء طارئ في الجنوب”.
بدوره، قال سليمان القرفان، وهو نقيب المحاميين الأحرار في درعا، إنَّ “النظام السوري يعمل على تنفيذ الأجندة الإيرانية المتمثلة بالهيمنة على الجنوب بافتعال التصعيد بحجج واهية”.
ويهدف “النظام” من وراء ذلك، بحسب “القرفان”، إلى “نشر حواجز عسكرية موالية لإيران في العديد من قرى الجنوب السوري لتقطيع أواصر القرى والبلدات عن بعضها البعض وبالتالي فرض السيطرة الفعلية على المنطقة”.
ولا يعتقد “القرفان” أن هناك خلافات روسية إيرانية في الجنوب “بل على العكس تماماً، هناك انسجام واتفاق فيما بينهما يتمثل في إطلاق يد إيران بالجنوب”.
وأرجع التصعيد الأخير في الجنوب السوري، لـ”تخوف إيران وروسيا من أي تدخلي عربي أو إقليمي بالمنطقة وبالتالي فرض منطقة آمنة يتم من خلالها إخراج إيران وميليشياتها و”النظام” من الجنوب وإعطاء إدارة تلك المنطقة وضبط الأمن فيها إلى فصائل المعارضة السورية”، بحسب “القرفان”.