الحسكة- دلسوز يوسف- NPA
تشهد الأسواق الشعبية في الحسكة إقبالاً كثيفاً من السكان المحليين، الذين لطالما تعودوا على ارتيادها؛ لتأمين حاجياتهم المنزلية والشخصية؛ نظراً لأسعارها الملائمة لذوي الدخل المحدود.
اعتاد حمود الشمالي, بائع الألبسة الأوربية المستعملة (البالة), على التنقل ببضاعته بين الأسواق الشعبية في أحياء مدينة الحسكة بشمال شرقي سوريا؛ لعرضها على بسطات صغيرة يمتلكها؛ ليكسب منها دخلاً يعيل بها أسرته.
يقول الشمالي لـ"نورث برس" أن الإقبال على الشراء "جيد"، وأن أسعار الألبسة المستعملة رخيصة مقارنة مع الألبسة الجديدة التي تباع في الأسواق الأخرى, إذ تباع القطعة المستعملة بـ/500/ ليرة (80 سنتاً من دولار واحد) مقارنة مع نظيراتها الجديدة التي تباع بـ /5000/ ليرة (نحو ثماني دولارات ونصف).
سوق لكل يومٍ من الأسبوع
وتعتبر الأسواق الشعبية من الأسواق الأكثر شيوعاً شمالي سوريا، ففي مدينة الحسكة يوجد في كل يوم من أيام الأسبوع سوق شعبي، ينتقل من حي إلى آخر، ويعرف باسم اليوم التي يفتح فيه.
ويعرض في هذه الأسواق مختلف أصناف المواد، التي يبحث عنها السكان من المستلزمات المنزلية، والتي تباع بأسعار مناسبة تتماشى مع دخلهم الشهري.
يبين عبدالباسط عطو، تاجر أحذية، بأن تاريخ هذه الأسواق في المنطقة "قديم جداً"، مردفاً "هذه الاسواق أسسها باعة من محافظة الرقة قبل ما يقارب ثلاثين سنة، لكن جميعهم عادوا إلى ديارهم وبات الباعة من سكان المنطقة فقط".
ويعود تاريخ الأسواق الشعبية في مدينة الحسكة, بحسب الباعة المسنين, إلى التسعينيات من القرن الماضي، ومنها "سوق الرقاويين"، حيث كان أصول الباعة من مدينة الرقة عند بداية افتتاحها قديماً؛ فعرف بهم، قبل أن يتقلص أعدادهم رويداً رويداً؛ ليصبح حالياً جميع الباعة من أبناء مدينة الحسكة وريفها.
التوتر الأمني
وأوضح عطو، بأن حركة البيع في السوق جيدة؛ كونها قريبة من المنازل وتوفر عناء الذهاب إلى الأسواق على الأهالي، مضيفاً بأن "التوترات الأمنية التي شهدتها المدينة مؤخراً أثرت نوعاً ما على حركة السوق، التي ولدّت الخوف لدى الأهالي من التجمعات التي يتشكل ضمنها".
ويؤكد حمود الشمالي أيضاً، بأن الوضع الأمني أثر على عملهم، وشكل هاجساً لدى الكثيرين في الارتياد للسوق؛ نظراً للازدحام الذي يحدث بين البسطات.
فقد شهدت مدينة الحسكة خلال شهر تموز/يوليو الجاري، عدة تفجيرات بالدراجات النارية بمركز المدينة، أسفرت عن خسائر مادية وإصابات بين المدنيين.
قوت للعاطلين عن العمل
والملفت للانتباه أثناء التجول بين البسطات في تلك الأسواق، تعالي أصوات أصحاب البسطات مرددين عبارات للفت أنظار المارة؛ لترويج بضائعهم وبيع أكبر قدر منها.
كما تشكل الأسواق الشعبية متنفساً للعاطلين عن العمل؛ فيعرضون منتوجاتهم للحصول على قوت يلبي متطلبات عوائلهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، كحال بائع الذرة المسلوقة "عرانيس" محمد أبو صالح، الذي يبيع الذرة على عربة ذات عجلات ثلاث ضمن الأسواق الشعبية منذ أربع سنوات.
يقول أبو صالح (45 عاماً) لـ"نورث برس"، "الأسواق هنا حركتها جيدة، حيث أكسب لقاء عملي هذا بين /1000–1500/ ليرة (دولارين أميركيين تقريباً)". منوهاً بأن ما يكسبه لا يسد متطلبات منزله إلا أنه "أفضل من مد اليد للآخرين".
"الأسواق المفضلة"
تُفتح الأسواق الشعبية طوال الأسبوع في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية بالحسكة، بعيداً عن المربعات الأمنية التي تسيطر عليها الحكومة السورية ضمن مساحات صغيرة بمركز المدينة.
"هذه الاسواق المفضلة لنا"، تقول المواطنة حميدة من حي العزيزية، التي قصدت السوق لشراء حاجاتها المنزلية، مشيرة بأن الأسواق الشعبية أسعارها أرخص من المحلات التجارية، وتتوفر فيها كافة الحاجيات والمستلزمات الضرورية المنزلية.