تكبلها وترجئها.. ضغوط سياسية تتحكم بالعملية العسكرية التركية في الشمال السوري

القامشلي – نورث برس

حاولت تركيا خلال الفترة الماضية، توثيق روابطها الدبلوماسية عبر عدة طرق، في سعي حثيث منها للحصول على تأييد بشأن العملية العسكرية التي تلوح بها منذ حوالي 8 أشهر في شمالي سوريا، الأمر الذي قطع الشك باليقين أن لإرجاء تلك الخطوة العسكرية، أبعاد سياسية.

وقال البروفيسور كابريال صوما، المقيم في واشنطن، وهو أستاذ في القانون الدولي، لنورث برس، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اعتبر أن من شأن أي توغل عسكري “تعقيد الوضع الأمني في سوريا” لذا هناك نوع من الفيتو الروسي بهذا الخصوص.

ولفت “صوما” والذي كان يشغل منصب عضو المجلس الاستشاري للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، النظر إلى أن هناك لقاء آخر يجمع الطرفين الروسي والتركي نهاية هذا الشهر، في منتجع سوتشي على البحر الأسود، لبحث موضوع التهديدات التركية لسوريا.

وبناء على ذلك، يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “بحاجة لضوء أخضر من روسيا للإقدام على خطوة من هذا النوع”، وفق “صوما”.

وأشار البروفيسور إلى أن تصعيد إعلان الرئيس التركي عن نيته لتنفيذ عمل عسكري في الشمال السوري، كان في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات ترتبط بانضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وبالمقابل لقيت هذه المباحثات رفضاً تركياً قاطعاً، بذريعة أن البلدين يدعمان “الإرهاب”.

وفي حزيران/ يونيو الماضي، تخلت تركيا عن رفضها شريطة توقيع وثيقة ثلاثية، إلا أنها يمكن أن تستخدم حق النقض في أي لحظة في حال لم يلتزم البلدان ببنود الاتفاقية، حسبما أفاد البروفيسور.  

من جانبه، قال مايكل مولروي، مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لمكافحة الإرهاب، في تصريح لنورث برس، إن تركيا تستخدم عضويتها في الناتو للمراهنة على ملفات لا علاقة لها بالناتو وأولويات الحلف في هذا التوقيت.

وأضاف أن “دول حلف الناتو تخشى اليوم من إمكانية إقدام روسيا على غزو مناطق جديدة في أوروبا ولذلك ترغب بضم السويد وفنلندا إلى الحلف، بينما ترغب تركيا اليوم بعرقلة العملية المستمرة لقتال تنظيم الدولة الإسلامية داعش”.

أميركا وإيران تعارضان

وذكر “صوما” أن واشنطن حذرت تركيا عبر وزير الخارجية أنطوني بلينكن، من أي تدخل في سوريا، عبر قوله إن “أي تصعيد في سوريا هو أمر نعارضه”.

وفي سياق متصل، قال “صوما”، إن هناك اعتراضاً كبيراً من الكونغرس الأميركي فيما يتعلق ببيع تركيا لطائرات f 16، التي طلبتها أنقرة في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي.

وأضاف: “تركيا تريد شراء40 طائرة من طراز لوتيد مارتن من الولايات المتحدة، إضافة لمعدات عسكرية أخرى، وينتظر إتمام الاتفاق موافقة الكونغرس الأميركي الذي ما يزال يشعر بالمرارة من شراء تركيا لأنظمة الصواريخ الروسية، وهي الخطوة التي أدت لفرض عقوبات على تركيا”.

وفيما يتعلق بالموقف الإيراني، شرح البروفيسور، أن إيران عارضت الخطة واعتبرتها “مضرة” بكل من تركيا وسوريا.

وفي 2023، يوجد انتخابات رئاسية تركية، وعلى ما يبدو أن شعبية “أردوغان” تنخفض حالياً، جراء التضخم السكاني الذي وصل إلى 74 بالمئة، وانهيار العملة التركية. 

وتوقع البروفيسور، أن الشعب التركي يريد حل المشكلة الاقتصادية بالدرجة الأولى.

وأضاف: “الرئيس يحاول إرضاء القوميين الأتراك وغيرهم، عبر إعادة أكبر عدد من اللاجئين إلى سوريا، وضرب المشروع الأميركي في سوريا”، وفق “صوما”.

ورأى أغلب المحللين السياسيين أن التوغل التركي في شمالي سوريا “سيحدث عاجلاً أم آجلاً”، وبالأخص مع اقتراب موعد الانتخابات القادمة، إذ أن الرئيس التركي يعتبر ذلك عاملاً مساعداً له للفوز بالانتخابات، وفق “صوما”.

واعتبر البروفيسور، أنه من الضروري أخذ “التهديدات التركية على محمل الجد”.

إعداد وتحرير: رهف يوسف