أسرّة مشافٍ بالقامشلي يشغلها أطفالٌ تعرضوا لدرجات حرارة مرتفعة
القامشلي – نورث برس
بجانب سرير طفلها في مشفى السلام الخاص، تجلس رقية الصايغ (32 عاماً) من سكان مدينة القامشلي، بينما تحاول لمس رأس الطفل الذي يلتهب بالحرارة المرتفعة.
وتعبر السيدة عن مخاوفها من المضاعفات التي من شأنها أن تزيد وضع طفلها الصحي سوءاً.
وقبل أيام، نقلت “الصايغ” طفلها إلى المشفى بعد أن تدهورت حالته الصحية، ليتبين أنه مصاب بالدرجة الرابعة من السحايا.

ودفعت السيدة حوالي 30 ألف ليرة سورية، كأجرة مبيت في المستشفى لليلة الواحدة، فضلاً عن تكلفة الدواء التي تبلغ حوالي 20 ألف ليرة وتشير إلى أنها مجبرة على إبقاء الطفل في المستشفى حتى يستقر وضعه الصحي.
ومؤخراً، تشهد القامشلي تزايداً في حالات السحايا وضربة شمس والتهاب أمعاء فيروسي وتجفاف وإسهال وحالات تسمم وغيرها، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز حاجز الـ45 في هذه الفترة.
والسبت الماضي، قالت المديرية العامة للأرصاد الجوية في سوريا، إن الأيام الثلاثة القادمة ستشهد ارتفاعاً ملحوظاً بدرجات الحرارة في عموم البلاد.
وذكرت المديرية، على صفحتها الرسمية في فيس بوك، أنّ درجات الحرارة ستكون أعلى من معدلاتها بـ4 إلى 6 درجات مئوية خلال اليومين القادمين، والجو سديمي مغبر في المناطق الشرقية والجزيرة والبادية.
ووصلت درجات الحرارة خلال الأسبوع الجاري في مدينة القامشلي إلى ما يقارب الـ50 درجة مئوية.
وفي ذات المشفى، قدمت سحر عبدالعزيز (40 عاماً) من ريف ناحية تل حميس شمالي القامشلي، برفقة ابنها البالغ من العمر 17 عاماً والذي يشتكي من ارتفاع حرارة جسمه وإسهال.
تقول الأم، إن نحو سبعة أطفال من عائلتها يعانون من ذات الأعراض بسبب الشمس والحرارة المرتفعة، في ظل غياب الكهرباء النظامية وقلة المياه.
وتشهد عموم مناطق شمال شرقي سوريا، انخفاضاً في ساعات التغذية بالكهرباء النظامية نتيجة انخفاض منسوب مياه نهر الفرات، في حين تكون ساعات كهرباء المولدات (نظام الأمبيرات) محدودة.
ويقول فرات مقدسي، مدير مشفى السلام في القامشلي، إن درجات الإصابة بمرض السحايا تختلف من شخص لآخر.
ويشير إلى أن هناك حالات يمكن علاجها في المنزل وأخرى تستلزم البقاء في المستشفى تحت إشراف كادر طبي، “إذ يمكن أن تنتقل العدوى في حال عدم التقيد بذلك”.
ويعاني المصاب بالسحايا من الصداع والدوخة وآلام المفاصل والإرهاق ونقص الشهية.
في حين، يقول عاصي الكياخي، أخصائي أمراض أطفال في القامشلي، إن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة، “بسبب ضعف المناعة لديهم”.
ويشير إلى أن هناك حالات لا يمكن معالجتها ضمن العيادة, لذا يتم نقلهم إلى المشفى لتلقي العلاج المناسب “ويجب مراقبة وضعهم تحت إشراف كادر طبي”.
ويذكر الطبيب أن معظم المرضى الذين يرتادون عيادته في هذه الفترة، مصابون بأمراض ناتجة عن الحرارة المرتفعة للشمس، محذراَ من تعرض السكان وخاصة الأطفال وكبار السن لأشعة الشمس وخاصة خلال فترات الذروة، “إذ قد يؤدي ذلك لمضاعفات أكثر لديهم”.
وفي ظل توقعات استمرار درجات الحرارة في الارتفاع أكثر خلال الأيام القادمة، تتخوف مريم أحمد وهي سيدة من القامشلي من تدهور حالة ابنها (7 أعوام) المصاب بالسحايا.
وتقول “أحمد”، إنها اختارت البقاء في المشفى، مع أن وضعها المادي “سيء، ولكن حياة ابني على المحك”، فضلاً عن أن الكهرباء تنقطع في منزلها كثيراً.