موسم البندورة في حلب.. إنتاج متراجع وخسائر تزيدها قلة الدعم الحكومي

حلب- نورث برس

يفكر سعيد جابر(40 عاماً) وهو مزارع من قرية تلعرن بالريف الجنوبي الشرقي لحلب، شمالي سوريا، جدياً بالتخلي عن زراعة البندورة خلال الموسم القادم، وذلك بسبب تراجع الإنتاج لديه هذا العام وتكبده خسائر، في ظل قلة الدعم المقدم له من قبل جمعية الفلاحين في قريته.

يقول المزارع إن موسم العام الحالي للبندورة تراجع عن العامين الماضيين إلى نصف الإنتاج، بسبب تراجع إنتاج الشتلات وكثرة المرض الفطري الذي أصاب الأوراق ولم تقضِ عليها المبيدات.

ويعتمد سكان مناطق الريف الجنوبي والشرقي لمدينة حلب على زراعة المحاصيل الموسمية مثل الكوسا والباذنجان والخيار والبندورة والذرة، ولكن بسبب قلة الدعم الحكومي والخسائر، يعزف البعض عن الزراعة.

ويحضر “جابر” عادة الشتلات من بذور البندورة ضمن بيوت بلاستكية ويرشها بالسماد ويتركها لمدة أسبوعين لتتحلل قبل الزراعة وعندما تثبت الشتلات توضع في الأرض وتسقى حتى يحين موعد إنتاجها.

وهذا العام، زرع المزارع هكتاراً من أرضه بالبندورة التي تجهز من بداية نيسان/ أبريل من كل عام، ويبدأ جني المحصول في مطلع تموز/ يوليو.

ويتواجد في كل قرية في ريف حلب جمعية تتبع إلى رابطة الفلاحين التي تتبع بدورها إلى مديرية الزراعة بحلب المعنية في متابعة الشؤون الزراعية وتقديم الإرشادات حول المبيدات والحشرات الضارة ومراقبة ما يحتاجه المزارعون بحسب الكشف الحسي على الأرض المسجلة لديهم.

وبحسب “جابر” فإنه منتسب للجمعية قبل سنوات الحرب، وبحسب الكشف، لديه 2 هكتار ونصف (الهكتار يعادل 10 دونم)، ويفترض على الجمعية توفير كيس سماد (50 كغ) لكل دونم بسعر 70 ألف ليرة سورية، وتقديم 40 ليتراً من المازوت لكل دونم لسقاية الأرض عن طريق التنقيط، بسعر 1750 ليرة سورية لليتر الواحد.

ولكنه لم يستلم من الجمعية سوى خمسة ليترات من المازوت عن كل دونم، كما أنه استلم كيساً واحداً من السماد عن كل دونمين، ما اضطره للشراء من السوق الحرة بسعر 115 ألف ليرة لكل كيس في فصل الربيع، ليرتفع في نهاية الموسم إلى 180 ألف ليرة.

“موسم خاسر”

حال محمود الجابر (45 عاماً)، وهو مزارع من ذات القرية، لا يختلف كثيراً عن سابقه، حيث يصف موسمه من البندورة بأنه كان “خاسر”.  

وزرع “الجابر” خلال هذا الموسم، 3 دونمات، كلّفته ما يقارب السبعة ملايين ليرة سورية.

ويقول إن الدونم الواحد كان ينتج قبل سنتين، 10 أطنان من البندورة، لكن العام الحالي تراوح ما بين 4 و5 أطنان.

ويضيف: “لن أزرع العام القادم للبيع، سأكتفي بزراعة ما يلزم أسرتي خلال العام”.

ويشير إلى معاناتهم في صعوبة تأمين مواد الإنتاج مثل المازوت والسماد والمبيدات الحشرية ومعالجة الديدان التي تضر الشتلات وتقلل من نسبة الإنتاج.

ويصف عمل جمعية الفلاحين في قريته بأنه “غير مرضٍ، كونها لا تؤمن لنا شيئاً من الدعم الحكومي”.

وحاولت نورث برس التواصل مع رئيس رابطة الفلاحين المسؤولة عن الريف الجنوبي للاستفسار حول شكاوي المزارعين لكنه رفض الإدلاء بأي تصريح.

ويرى “الجابر” أن المبيدات الحشرية المنتهية الصلاحية وغير الفعالة التي اشتراها من جمعية الفلاحين كانت سبباً رئيسياً في موت الشتلات واصفرار الأوراق وعدم إنتاج المحصول كما كان في السنوات الماضية.

وما زاد خسائر المزارع هو أنأجار الأرض التي يستأجرها للزراعة يصل إلى مليون ليرة سورية سنوياً لكل دونم، ويترافق ذلك مع تكلفة أجور عمال وعاملات ومازوت حر وصل سعر الليتر الواحد منه إلى ستة آلاف ليرة.

“الأرقام لا تطابق الواقع”

وقدرت مديرية الزراعة في حلب، إنتاج المحافظة من محصول البندورة للموسم الزراعي الحالي بنحو 100 ألف طن، وهو رقم تم تداوله نفس السنوات الماضية.

وقال رضوان حرصوني، مدير الزراعة بحلب عبر صفحة المديرية على فيس بوك، إن المساحة المزروعة بالبندورة في حلب تبلغ حوالي 1000 هكتار.

وأشار المسؤول الحكومي إلى أن أغلب هذه المساحات بريف حلب الجنوبي الشرقي، وتتميز بإنتاجها الوفير.

ولكن “الجابر” شكك في إحصائيات المديرية وقال: “المديرية تدلي بنفس الأرقام عن الإنتاج كل عام ولكن الأرقام لا تطابق أرض الواقع”.

ولم يستلم عبدو حج إبراهيم (30 عاماً)، وهو مزارع من تلعرن، مخصصاته من المازوت هذا العام، ما زاد من التكلفة عليه، حيث اضطر لتأمين المادة من السوق السوداء.

ويقول إنه تضرر كثيراً هذا الموسم من خلال زراعة عشرين دونماً من البندورة، وقد عمد إلى زراعة هذه المساحة بعد أخذ الخطة من رابطة الفلاحين في الدعم اللازم للإنتاج، “لم يكن في الحسبان أن الجمعية سوف تمنح جزءً من مخصصاتنا من المازوت والأسمدة”.

والعام الماضي باع “حج إبراهيم”، كيلوغرام من البندورة بـ 300 ليرة، وكان الدونم ينتج طناً ومئة كيلوغرام خلال الشهر الأول من الإنتاج. في حين يباع الكيلوغرام من المحصول هذا العام بما يقارب 600 ليرة.

ويشكو “حج إبراهيم” هو الآخر من الخسائر التي منّي بها هذا العام، وخاصة أن الإنتاج لديه انخفض للنصف مقارنة مع العام الماضي، مع ارتفاع سعر الفلين الفارغ من 500 ليرة إلى 1500 للواحدة عدا المتضررة منها والتالفة.

 إعداد: رافي حسن- تحرير: سوزدار محمد