“لا نريد أن يكبر أولادنا دوننا”.. مأساة عائلة بريف عفرين تخاف انتقالها للأبناء
ريف حلب الشمالي- نورث برس
أمام باب منزل العائلة في قرية أبين بناحية شيراوا، جنوبي عفرين، تجلس ياسمين حسن (23 عاماً) وهي تحتضن طفلتها وطفلة شقيقتها التي لا تزال طريحة الفراش، بينما يعلو صوت سقوط القذائف على القُرى المجاورة.
تقول الشابّة وهي تشدُّ بيديها على الطفلتين مع سماعها سقوط كل قذيفة، “لا نريد سوى الأمان، نحن كبرنا دون أب ولا نريد أن يكبر أولادنا من دوننا”.
تحمدُ الله ياسمين، لأن طفلتها وطفلة شقيقتها لم تُصابا بشظايا القذيفة التي استهدفت منزلهما في الخامس من الشهر الجاري، ولكنها تسببت لهما بذعر شديد حتى باتتا تصرخان لمجرد سماعهما صوتاً خفيفاً.
وتتعرض قرى تابعة لشيراوا (صوغانكة، عقيبة، زيارة، الخربة، مياسة زرناعيت، برج القاص، الذوق الكبير، أبين، كلوته) وهي تقع على خطوط التماس، للقصف المستمر من قبل القوات التركية والفصائل الموالية لها، مخلفةً إصابات بشرية وأضراراً في ممتلكات السكان.
تضم أبين التي لا تبعد سوى ثلاثة كيلومترات عن خط التماس، 360 عائلة، منها 107 عائلة من نازحي عفرين بعدد أفراد يبلغ 1161 فرداً.
وتشير ياسمين، التي أُصيبت بشظيّة في ظهرها وجرحها كان طفيفاً مقارنةً مع شقيقتها نسرين (22 عاماً) التي أُصيبت بشظيتين، واحدة بكتفها الأيسر وأخرى في صدرها، بيديها إلى الفوهة التي تسببت القذيفة بتشكلها فوق الباب وخلفت آثاراً على جدران المنزل.
وقضت المصابتان أكثر من أسبوع في مشفى “آفرين” ببلدة فافين، شمالي حلب، لتلقي العلاج، ولكن ورغم مرور أسابيع على الحادثة، لا تستطيع نسرين التحرُّك بمفردها ولا حتى تناول الطعام بحريتها وتواجه صعوبة في الكلام والاهتمام بطفلتها نتيجة إصابتها البليغة.

وعلى وقع ازدياد حدّة القصف التركي، تتخوف ياسمين وهي مطلّقة كما نسرين وتعيش برفقة طفلتيهما ووالدتهما واثنين من أشقائهما الصغار، إضافة إلى شقيقتهما الصُّغرى، من تسبب القصف التركي بخسارة أحد أفراد عائلتها وتقول: “لم نعد نقوى على فقدان شخص آخر”.
وخلال سنوات الحرب السورية وتحديداً في عام 2013 خسرت الشقيقتان والدهما، إذ أُصيب بشظيّة نتيجة ضربة لطائرة حربيّة في دوّار الحيدريّة، بمدينة حلب، بينما كان ذاهباً إلى المدينة بقصد العلاج.
وبعد ثلاث سنوات من فقدان الأب، فُجعت العائلة بالابن البكر أيضاً، وذلك خلال المعارك التي دارت بين قوات حماية الشعب والفصائل المسلّحة الموالية لتركيا، في قرية المالكية، التابعة لناحية شران، بريف عفرين.
وتعيش العائلة على الراتب الذي يمنحه مجلس مقاطعة عفرين (مجلس يعمل بريف حلب الشمالي)، للعائلات التي لا تملك مُعيلاً وليس لديها مصدر رزق، وهو 10 آلاف ليرة، لكل شخص شهرياً.
وبسبب ضعف الحالة المادية لعائلة ياسمين، لم تستطع الأم أن تشتري كامل الأدوية التي وصفها الطبيب لنسرين، فاشترت بعضاً منها فيما تركت باقي الأصناف.
وتصف ياسمين، حالة الذعر التي تصيبهم مع سماع أيّ صوت، “إذا وقع أي شيء على الأرض وسمعنا صوتاً خفيفاً نخاف أن يصيبنا مكروه وبالأخصّ أطفالنا الصغار الذين لا ذنب لهم من كل هذه الهجمات”.
وتتساءل: “ماذا سيحدث لهاتين الطفلتين في حال أصابنا مكروه؟”.