مشاريع صناعية بريف حلب.. كانت على وشك الانطلاق لكن التهديدات التركية أوقفتها

حلب ـ نورث برس

بالرغم من وصوله لمراحله الأخيرة في صيانة منشآته الصناعية لإنتاج الخيوط في ريف حلب الشمالي، فضل سامر عقاد (39 عاماً) إيقاف عمليات الصيانة وتأجيل افتتاح المنشأة.

وقبل ستة أشهر بدأ “عقاد” العمل على تجهيز منشأته الصناعية، بهدف إعادتها للعمل خاصة أنها كانت قد توقفت لمدة تسع سنوات بسبب الحرب.

وما دفع الصناعي للتفكير بإعادة منشأته للعمل، هو حالة الاستقرار التي عاشها الريف الشمالي لحلب خلال العامين الماضيين، خاصة أن القوات الحكومية سيطرة على معظمه بعد إخراج الفصائل منه مطلع العام 2020.

وقال “عقاد” في حديث لنورث برس: “هذه المنشأة تعرضت للتخريب والنهب ببدايات الحرب على يد الفصائل الموالية لتركيا”.

ويضيف: “لكني استطعت الحفاظ على البنية التحتية منها وذلك بشق النفس ودفع مبالغ طائلة. وهو ما دفعني للتفكير بإعادة العمل ظناً مني أن الأمور ذاهبة نحو الاستقرار وتحسن الاوضاع”.

لكن التهديدات التركية الأخيرة بشن عملية عسكرية على مناطق شمالي سوريا، لا تبعد عن منشآته الواقعة في أطراف بلدتي نبل والزهراء سوى كيلو مترات قليلة، وما رافقها من حشود عسكرية لأنقرة والفصائل الموالية لها، أثار قلق وخوف الصناعي الثلاثيني.

واستذكر “عقاد” عبارة “الفرحة لم تكتمل”، فتركيا حشدت مسلحيها وهددت باجتياح المنطقة، “أي أن معملي سيتعرض للنهب والتخريب مجدداً وبأفضل الأحوال سيصبح عرضة للقصف وللاستهداف بحال اندلاع المواجهات”.

وأضاف: “لذلك أوقفت العمل بعد أن قطعت شوطاً كبيراً في إعادة التأهيل والتجهيز ودفعت مبالغ فاقت 500مليون ليرة سورية”.

وبلهجة لا تخلو من الحزن، قال الصناعي: “تركيا هي سبب مصائبنا وخسائرنا الاقتصادية وهي من تقف خلف تدمير الصناعة الحلبية لذلك لا نأمن جانبها”.

والأربعاء الماضي، تصاعدت حدة التصريحات التركية بشأن شن عملية عسكرية في الشمال السوري.

وقال إبراهيم كالن المتحدث باسم الرئيس التركي، إنهم “لا يطلبون الإذن من أي شخص، لشن عملية عسكرية في الشمال السوري، يمكن تنفيذ هذه العملية في أي وقت”.

تهديدات توقف العمل

وحفر حسين حمود العلي (50 عاماً) وهو من بلدة كفين بريف حلب الشمالي، الأساسات واشترى مواد البناء للعمل على مشروع مدجنة في أطراف البلدة.

ولأن البلدة لا تبعد عن مدينة تل رفعت سوى 7 كيلو مترات، والجيش التركي والفصائل الموالية له يهددان بدخول المدينة، قرر “العلي” التوقف عن العمل بمشروعه.

ويقول لنورث برس: “منذ عامين أنهيت عملي بالخليج وقررت المجيء إلى قريتي لبدء مشروع العمر، كما يقال، ولكي أقضي أيامي بين أهلي وأقاربي”.

ويضيف: “لكن مشروعي أوقفته، وعلى ما يبدو لن أنعم بالاستقرار الذي كنت أنشده، فأعمالي توقفت والمبالغ التي جهزتها للمشروع، ذهب قسم منها لشراء الأرض ومواد البناء، والقسم الآخر بات غير منتج”.

وينتظر “العلي”، استقرار الأوضاع، ليعاود إكمال مشروعه، “فأي هجوم تركي يطال منطقتنا سيعني تهجيرنا وضياع شقاء العمر وتعب السنين الذي قضيته أملا في تحسين وضعي المعيشي”.

خسارة بطرفة عين

ويملك حسين سلطان من بلدة كفرناصح في ريف حلب الشمالي، قطعة أرض كان ينوي افتتاح مشروع لزراعة البطاطا فيها.

ويقول “سلطان” لنورث برس: “حفرت بئر ماء كلفني 10 مليون ليرة واشتريت ألواح طاقة شمسية بتكلفة 50 مليون ليرة، إضافة لتكاليف أخرى تضمنت ثمن صنابير وأنابيب خاصة لإرواء المشروع”.

لكن هذا كله توقف، بسبب خوف “سلطان” من أن يخسر “بطرفة عين”، ما أنفقه للبدء بالمشروع.

ويقول: “بلدتنا قريبة من مناطق التماس والأرضي الزراعية التي أنوي تجهيز مشروعي فيها لا تبعد عن خط التماس سوى 6 كم، وأي اشتباكات أو قصف وحدوث أي معارك سيعني خسارة كبيرة”.

ويضيف: “لست أنا الوحيد الذي أوقفت العمل، فالكثير من أصحاب المشاريع الزراعية والمنشآت الصناعية أوقفوا أعمالهم انتظاراً لما ستؤول إليه الأحداث”.

ويشير الرجل إلى أن “هناك أناس تراجعوا حتى عن بناء سور متواضع لمنزلهم أو تجهيز شقة سكنية بسيطة”.

وكل ذلك مآله مخاوف السكان من العملية العسكرية التي تهدد بها تركيا، حيث تشهد قرى وبلدات في ريف حلب الشمالي قصفاً تركياً متقطعاً، “قد يكون مقدمة لعمل عسكري واسع سيلحق الضرر بالحجر والبشر”، بحسب “سلطان”.

ويقول: “التهديد التركي أصاب مشاريعنا بالشلل، وأثر على حركة العمل وفاقم من معاناتنا الاقتصادية وأوضاعنا المعيشية، ففي مناطقنا إما أن نعمل أو يتضور أولادنا جوعا”.

إعداد: جورج سعادة – تحرير: قيس العبدالله