قصف دهوك.. من إدانة إلى شكوى دولية وعزمٌ على إخراج القوات التركية
أربيل- نورث برس
يشوب العلاقات التركية العراقية توتر على خلفية الهجوم الأخير في دهوك والذي أسفر عن سقوط عشرات الضحايا المدنيين، رغم أنه ليس الهجوم التركي الأول، فمنذ عدة سنوات تتكرر الهجمات التركية بشكل منتظم على طول المناطق الحدودية في إقليم كردستان العراق.
ووصل الموقف العراقي إزاء ما يصفه الشارع “بالمذبحة” التي راح ضحيتها تسعة مدنيين بينهم أطفال، إلى الشكوى لدى مجلس الأمن الدولي والحديث عن إمكانية إخراج القوات التركية المنتشرة في عدة قواعد شمالي البلاد.
وسيعقد مجلس الأمن يوم الثلاثاء المقبل، جلسة طارئة لمناقشة الاعتداءات التركية ضد العراق، بطلبٍ رسمي من الأخير.
ولم يسبق أن قدم العراق شكوى دولية بهذا الخصوص، علماً أن التواجد العسكري التركي مضى عليه ما لا يقل عن عشرين عام في مناطق حدودية، ونحو 7 أعوام في عمق الأراضي وتحديداً في بعشيقة بمحافظة نينوى.
ووجه رئيس مجلس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بتشكيل لجنة عسكرية وإدارية وسياسية للذهاب إلى منطقة القصف الذي أسفر عن إصابة ما لا يقل عن 30 شخصاً.
وأوضح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال الجلسة البرلمانية التي عقدت أمس، طبيعة العلاقة بين العراق وتركيا منذ أن “تم ترسيم الحدود بين البلدين وعقد الاتفاقات بينهما منذ عشرات السنين”.
وأشار الوزير إلى “وجود محضر رسمي موقع من قبل وزير الخارجية العراقي آنذاك طارق عزيز مع نظيره التركي، عام 1984 ولمدة سنة واحدة فقط، ويخص بالسماح لدخول القوات التركية داخل الأراضي العراقية مسافة 5 كيلومترات”.
وأرفق العراق في شكواه المقدمة إلى مجلس الأمن الدولي تجاه تركيا، سجلات تضم 22 ألفاً و700 انتهاك تركي منذ 2018 ضد “سيادة العراق” و296 مذكرة احتجاج على ذلك.
وتكررت المطالبات العراقية بانسحاب القوات التركية من العراق لفسح المجال للعمل وفق الخطوات الدبلوماسية والسياسية.
وترفق تركيا مع كل توغل وعملية عسكرية ذريعة ملاحقة حزب العمال الكردستاني، بينما راح العشرات من المدنيين ودمرت مئات القرى بالقصف المدفعي والجوي.
وكان وزير الخارجية العراقي، قد صرح خلال إطلاع ميداني في موقع القصف الأربعاء الفائت: “نرى أن حرب تركيا ليست ضد العمال الكردستاني بل تستهدف المدنيين العزل”، في إشارة إلى الضربة التي استهدفت المنتجع السياحي وجل ضحاياها سياح قادمون من مناطق وسط وجنوب العراق.
وكان الموقف الأكثر قوة للعراق قبل سبع سنوات، حين دخلت أرتال الجيش التركي إلى شمال الموصل وشكّلت قاعدة “زليكان” بالقرب من بلدة بعشيقة، في وقتٍ انشغلت فيه البلاد بالحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي قضم ثلث أراضيه.
وفي عام 2016، أصدر البرلمان العراقي عدة قرارات من ضمنها إخراج القوات التركية من المنطقة واعتبارها محتلة، ولكن بقيت تلك القرارات حبراً على ورق ولم تر النور.
ويتوقع مراقبون أن تواصل السلطات العراقية معركته الدبلوماسية مع تركيا، لكنهم يستبعدون القطيعة، نظراً للعلاقات السياسية والتجارية العميقة بين البلدين.
وتبلغ قيمة التبادل التجاري بين تركيا والعراق نحو 20 مليون دولار، وهذا ما واجه تهديداً شعبياً عبر حملة مدنية لمقاطعة المنتجات التركية بعد الهجوم الدموي.
وفي حين تنفي تركيا مسؤوليتها عن القصف، واجهت سلسلة إدانات محلية ودولية بما فيها دول أوروبية والولايات المتحدة، كما وصفت الخارجية العراقية الإنكار التركي بـ”المزحة السوداء”.
وقالت لجنة الدفاع البرلمانية العراقية، إنه في حال بقاء القوات التركية في العراق سيكون هناك رد فعل آخر.
وقد يشكل الخلاف السياسي الداخلي أحد عناصر ضعف المواقف العراقية حيال الانتهاكات التي تأتي تارةً من إيران أيضاً، في حين يعاني البلد المتعدد الأطياف والأعراق من مشكلة الانسداد السياسي حيث لم يتمكن الفرقاء السياسيين من تشكيل الحكومة واختيار رئيس جمهورية رغم مرور نحو 9 أعوام على الانتخابات التشريعية المبكرة.
وطالبت الأطراف السياسية العراقية وكتلهم في البرلمان بمحاسبة تركيا، ومنعها من تكرار “الاعتداءات” وتقديم اعتذار فضلاً عن تعويض ذوي الضحايا.
ولم يتضح على الفور ما إذا كان مجلس الأمن سيصدر قرارات بهذا الصدد خلال جلسته المقبلة، أم أنها ستمضي بشكل تداولي للإدانة فحسب.