ريف حلب الشمالي- نورث برس
يخشى محمد عزيز (59 عاماً)، من سكان قرية عقيبة التابعة لناحية شيراوا جنوبي عفرين، من فلاحة أراضيه وتقليم أشجاره خوفاً من تعرُّضه للاستهداف وخاصة أن أرضه لا تبعد سوى 2 كيلومتر عن مواقع سيطرة فصائل المعارضة الموالية لتركيا.
ويُعاني سكان عدة قُرى بناحية شيراوا جنوبي عفرين، الغير خاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، من عدم تمكُّنهم من ممارسة حياتهم وأشغالهم بشكل طبيعي؛ بسبب تصعيد هجمات القوات التركية والفصائل على تلك القرى، إذ تتعرّض بشكلٍ يومي للقصف.

ويعيش سكان تلك القُرى حالة من القلق والخوف المستمر في ظلّ التهديدات التركية الأخيرة بشنّ عملية عسكرية جديدة على الشمال السوري، وخاصة أنهم يعيشون على خطوط التماس مع القُرى الواقعة تحت سيطرة تركيا وفصائلها المسلّحة.
وفي الثامن عشر من آذار/ مارس 2018، سيطرت القوات التركية برفقة فصائل معارضة موالية لها على عفرين.
ولم تفرض تركيا حينها، قبضتها على عدة قُرى في ناحية شيراوا (صوغانكة، عقيبة، زيارة، الخربة، مياسة زرناعيت، برج القاص، الذوق الكبير، أبين، كلوته)، فاستلمتها قوات الحكومة السورية بعد انسحاب وحدات حماية الشعب منها.
لكن وجود القوات الحكومية في تلك القُرى، لا يُشكّل عائقاً أمام تركيا والفصائل، من استهدافها من نقاط تمركُّزها في عفرين والقُرى التي تسيطر عليها بالقذائف المدفعية بشكلٍ شبه يومي.
يقول “عزيز”، واصفاً حالهم في القرية، “لا ليلنا ليل ولا نهارنا نهار ونحن ننتظر فرج الله علينا، ولا تزال أرضنا غير مزروعة إلى الآن لأننا زرعناها سابقاً وتعرّضت محاصيلنا للاحتراق بسبب القصف”.
ويصعب على الرجل الخمسيني، ترك تعب عمره في الأراضي التي تبلغ مساحتها 20 هكتاراً، بالإضافة إلى ألف شجرة زيتون، والنزوح إلى مكان آخر لربما لا يجد فيه حتى لقمة عيشه، بحسب قوله.
ويبلغ عدد سكان قرية عقيبة، التي لا تبعد سوى 2 كيلومتر عن خط التماس، نحو 500 عائلة، منها 80 عائلة نازحة من قُرى عفرين الخاضعة لسيطرة تركيا والفصائل.
ولا يختلف حال طارق بكرو (38 عاماً)، من سكان قرية أبين، التي تبعُد عن خطوط التماس 3 كيلومتر، عن حال سابقه بشيء، إذ تتعرّض قريته لقصف يومي مسبباً أضراراً مادية في الممتلكات.
وعن سبب بقائه في القرية رغم القصف المستمر وخطورة الوضع يقول “بكرو”، إن “سبب بقائنا في منازلنا لأنه لا يوجد مكان آمن ننزح إليه، فكل المناطق مُهدّدة بالاجتياح في أيّ لحظة لذلك نحن نتحمّل كلّ شيء على أن نتعرّض للنزوح”.
ويبلغ عدد سكان قرية أبين، 360 عائلة منها 107 عائلة من نازحي قُرى عفرين الأخرى، بعدد 1161 فرداً، منهم 366 نازحاً.
وترفض عزيمة حيدر (63 عاماً)، ترك منزلها في قرية أبين وتتساءل، “ماذا تريد منا تركيا؟ يكفي كل هذه القذائف التي تنهمر علينا يومياً”.
وبينما تجلس السيدة أمام باب منزلها تُضيف، “لم نهاجم تركيا يوماً ولم نخترق حدودها، تقصفنا ليلاً ونهاراً وتحتل مناطقنا”.
ولم تتمكّن عائلة “حيدر” كغيرها؛ من زراعة أراضيها للعام الثالث على التوالي بسبب القصف، وتقول متحسّرة على استمرار هذا الحال، لا نزرع الأراضي لأننا لا نستطيع الاهتمام بها”.