الباب- محمد الينايري- NPA
"أنا السوري الذي لا تلين عزائمه.." بهذه الكلمات يُعرّف الفنان السوري أكرم سويدان، نفسه لزائري صفحته الشخصية عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، قبل أن يغوصوا في عالمه الخاص الذي يُحوِّل فيه القُبح إلى جمال، والموت إلى حياة نابضة بالألوان الطبيعية، بلمسات فنيّة فريدة، لا تُزيف واقعاً إنما تتعايش مع ذلك بطريقة مختلفة تُضفي مسحة جمال على واقع يغلفه الدمار وتلفه غرابيب الموت.
"مدفع رمضان من فوارغ رصاص عيار 23m، وفارغة رصاص عيار 14.5m مزدانة برسومات جمالية رائعة".. جانب من إبداع سويدان الفني، الذي يُحول فيه مُخلفات الحرب من فوارغ رصاص وقذائف إلى أعمال فنيّة باستخدام الألوان.. ويقول قاطعاً عهداً على نفسه: "سأضع أحجار الماس فوق آلات الحرب التي قتلت الإنسان والإنسانية، فربما يوماً ما تسطع عليها شمس الحرية فتبرق ويشاهد العالم عظمة هذا الشعب".
وسويدان هو من مواليد العام 1979 في مدينة دوما بريف دمشق، يعيش حالياً في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، بعد أن تهجّر في شهر أبريل/ نيسان 2018. اشتهر بأعماله الفنيّة ومشروعه الذي سمّاه "الرسم على الموت".
الرسم على الموت
أطلق سويدان مشروعه "الرسم على الموت" بعد أن خرج من المعتقل في العام 2012، وأصرّ على التعبير عن سلمية الشعب السوري من خلال الفن، ويقول في حديثه لـ"نورث برس": لقد حولت السلاح الذي نُقتل به إلى أشكال جمالية (..) أحاول رسم الابتسامة ونشر الجمال، وأعبر عن سلمية الشعب السوري"، معطياً بذلك بريق أمل وحياة في واقع مملوء باليأس والقبح.
بدأ مشروعه من خلال جمع مخلفات الحرب من فوارغ الرصاص والقذائف، ثم الشروع في الرسم والتشكيل عليها، حتى ذاع صيته وشارك بأعماله في معارض خارج سوريا في الفترة من 2015 وحتى الآن، لم يتمكن من حضورها؛ بسبب صعوبة السفر، لكنّه نجح من خلالها في توثيق جانب من الإبداع السوري، في صورة مغايرة عن صور القتل والدمار والتشريد والموت التي تطغى على المشهد السوري وتعلق بالأذهان كلما جاء الحديث عن سوريا في زمن الحرب.
وصلت أعمال سويدان قطر والولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية مثل يلجيكا وفرنسا وألمانيا والسويد أيضاً، من خلال معارض احتفت بأعماله الفنية الإبداعية. ويقول "إن بقايا القذائف التي كان يخاف منها الأطفال صارت قطعاً فنيّة يحتفون بها".
بعد تركه غوطة دمشق في العام 2018 كانت أعمال أكرم مملوءة كعادته بالأمل، فأنجز تصميماً دوّن عليه "راجعين" على مخلفات طائرة ميغ روسية، كما دوّن عدداً من أسماء المناطق التي تهجّر أهلها منها.
معارض خارجية
ومع تخطي أعماله حدود سوريا، كان أكرم على مشارف المشاركة في واحد من أبرز برامج المسابقات الشهيرة، وهو برنامج arab got talent في العام 2016، بعد أن تواصل معه البرنامج مرحبين بمشاركته، لكن الحصار الذي كانت تعيشه الغوطة حال دون أن يتمكن من السفر إلى خارج سوريا للمشاركة في البرنامج وتقديم رسالته، وهي رسالة سلام وحب وجمال، تماماً كما مُنع من المشاركة في معارض فنية تعرض أعماله في أوروبا وأمريكا ودول عربية.
يقول أكرم: "الفن رسالة، رسالة عظيمة بجميع الأوقات، فما بالك بأوقات الحرب؟"، مردفاً: "كلنا نعرف أن الورق للكتابة والخشب للزخرفة.. إلخ، لكن في زمن الحروب يصبح الفن مباحاً لأية خامة؛ لأنه يراد منه هدف، ويراد به الوصول لأكبر شريحة ممكنة.. أرسم على مخلفات الحرب وبقايا الصواريخ، رسالة سلام وعدة رسائل أخرى منها حب الحياة".
ويعتبر أكرم سويدان نموذجاً من ضمن الكثير من النماذج التي تقاوم قبح الحرب بجمال الفن وإبداعه، مثله مثل فنانين سوريين على مستويات الفن والإبداع كافة، من رسّامين ونحّاتين ومثّاليين وتشكيليين ومطربين وممثلين ومخرجين وأدباء وغير ذلك، بعضهم نال جوائز كبرى تقديراً لإبداعه، تحت عنوان عريض "شمس الإبداع السوري لم تغب قط.. ولن تغب".