بيروت – ليال خرّوبي – NPA
"سميتها ع إسم الوطن" بهذه العبارة يعرّف اللاجئ السوري صالح السلامة عن ابنته شام، لكنْ ورغم أنها تحملُ إسم الوطنْ إلاً أنها لا تحملُ هويته، ولا هوية بلدها المضيفْ لبنان.
أبصرت شام النورَ في ظلمةَ حربٍ خلّفت مواجعَ كثيرة لمن هربوا من جحيمها، من بين هذه المواجعْ ضبابيةُ وضياع هويّة عدد كبيرٍ من الأطفال الذين لم تسجّل ولادتهم في سجلات دوائر الأحوال الشخصية اللبنانية، وبالتالي وجودهم غير موثّق، وهم ليسوا لبنانيين بطبيعة الحال، وليسوا سوريين أيضاً، لأنهم لم يستحصلوا على هويّة، رسميا هم مكتومو القيد والمصير وربما الوجود.
ووفقا للقانون الدولي، فإن الشخص عديم الجنسية هو "الشخص الذي لا تعتبره أي دولة مواطناً فيها بمقتضى تشريعها"، وهم يُحرمون غالبا من حقوقهم في التعليم والعلاج والعمل، أو فتح حساب مصرفي أو شراء منزل، أو حتى الزواج؛ مما يجعلهم على هامش المجتمعات، ويهدد ذلك بدفعهم نحو العنف.
"نورث برس" زارت عائلة شام في منطقة الشويفات بمحافظة جبل لبنان، حيثُ تقطنُ في تجمع صغيرٍ للاجئين يفتقرُ لأدنى مقومات الحياة، ويعملُ سكانهُ في أرضٍ زراعية مجاورة، وبحسب أهالي فإنَّ هناك عشراتْ الأطفال في التجمعات المجاورة هم مكتومو القيد أيضاً.
يتحدث والد شام عن الصعوبات التي تحول دون تسجيل شام في دوائر الأحوال الشخصية للحصول على هويّة سوريّة لها فيما بعد، وعلى رأس هذه الصعوبات عدم حصوله على إقامة صالحة في لبنان نظراً لتكلفتها وشروطها المادية التي لا يتحملها كونه عاطلٌ عن العمل والمعيل الوحيد للأسرة هي زوجته فاطمة التي تعمل في زراعة التبغْ.
وفي الوقت الذي يحوز أخويّ شام عمر وأمينة على الهوية السورية كونهم ولدوا في سورية، فإنّ عودة العائلة إلى مسقطِ رأسها في الحسكة التي غادروها عام 2016، دونها صعوبةٌ كبيرة تتمثل في كون شام بلا هوية، وبالتالي فهم عالقون في لبنان حتى إشعارٍ آخرْ.
أرقام رسمية
تشيرُ آخر إحصائية قدمتها وزارة شؤون اللاجئين اللبنانية إلى أنه من /50/ ألف إلى /130/ ألف مولود سوري لم يُسجَّلوا كولادات في سجلّ قيد الأجانب في مديرية الأحوال، كما أنّ مفوضية اللاجئين سبق وأعلنت عام 2018 أن 70 في المئة من الولادات بين عامي 2011 و2014 غيرُ مُسجّلة.
ورغم التعديلات التي أجرتها مديرية دائرة الأحوال الشخصية على شروط تسجيل الأطفال السوريين نهاية العام 2017 حيثُ سمحت بالإكتفاء ببطاقة إقامة صالحة لأحد طرفي عقد الزواج فقطْ لتسجيل المولود الجديد إلا أنَّ آخر الأرقام التي قدمتها وزارة شؤون النازحين تشير إلى أنَّ /3/ آلاف فقط تسجلت ولادتهم من أصلْ /130/ ألف، ذلك أنّ أعدادا كبيرة من السوريين لم يحصلوا على إقامات ودخلوا عبر المعابر "غير الشرعية" كما أن كثيرا منهم أضاع أوراقه الثبوتية وهناك صعوبة في الحصول على أخرى لتعذر دخولهم إلى سوريا.