رغم تردي الأوضاع الاقتصادية.. عمليات التجميل في سوريا تزدهر
دمشق – نورث برس
لا تستبعد نسرين سعيد (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لشابة من حي القصاع بدمشق، قيامها بعمليات تجميلية أخرى في المستقبل القريب.
نهاية العام الماضي، أجرت الشابّة ثلاث عمليات تجميل فكلّفتها 15 مليون ليرة سورية، وكانت على يد طبيبٍ مشهور في دمشق.
وتقول “سعيد”، إنها أجرت عملية تكبير صدر ونحت لجسمها ووجهها مع حقن فيلر في الشفاه، وقبل عامين أجرت عملية تجميل لأنفها لكنها لم تنجح كما تريد، وتقول: إن “الجمال يتطلب تحمل الألم الناتج عن العمليات”.
وفي دمشق ورغم كل الأزمات المعيشية والحياتية والوضع الاقتصادي المُتردّي، تشهد عيادات ومراكز التجميل إقبالاً واسعاً على إجراء العمليات التجميلية، فضلاً عن قدوم سيدات من خارج البلاد إلى سوريا لإجرائها وذلك لأن كلفتها أقل من بلدانهن.
ومع ازدياد الإقبال، ازدادت مراكز التجميل بشكلٍ غير مسبوق, فلا يوجد منطقة إلا وفيها مركز أو اثنين بالحد الأدنى من مراكز التجميل.
وبينما تتنافس المراكز على تقديم العروض للعمليات التجميلية بمختلف أشكالها وأنواعها، تشهد الأسواق السوريّة ركوداً في حركة التجارة، وذلك بسبب الارتفاع الحادّ في الأسعار وضعف القدرة الشرائية للسكان، في ظلّ غياب حلول جذرية للحكومة السورية، لمواجهة الأزمة الاقتصادية.
ويقول طبيب تجميلي في دمشق، فضّل عدم نشر اسمه، إن عمليات التجميل ازدهرت بكثرة بعد العام 2011، وأكثر العمليات التجميلية طلباً كانت عملية تجميل الأنف.
ويُضيف الطبيب، لنورث برس، “لكن حال اليوم مختلف تماماً، فالسيدة أو الشابّة تأتي إلى طبيب التجميل لتخضع لعدة عمليات؛ من شفط ونحت وتكبير للصدر وكلهُنّ يرغبن بالحصول على نتائج شبيهة لأُخريات وكأنهنّ نسخة واحدة”.
ويُشير، إلى أنه “النصيحة الطبية لهن لا تُفيد, ويأتي إلينا فتيات جميلات لا يحتجن للتجميل لكن لديهن هوس بتغيير مظهرهن”.
أسعار متفاوتة
وتجري معظم العمليات في مراكز تُعنى “بحقن الفيلر” وغيرها من العمليات البسيطة, تُجرى من قبل فنيين أو ممرضين وليس من قبل أطباء فتؤدي إلى أخطاء جسيمة في بعض الأحيان، بحسب الطبيب.
وتكفي جولة صغيرة على إعلانات مراكز التجميل في دمشق لملاحظة تفاوت الأسعار، حيث تتراوح أسعار البوتوكس ما بين 150 و200 ألف ليرة سورية.
وتختلف أسعار الفيلر بحسب نوعيته، إذ يصل سعر الفيلر الكوري إلى 220 ألف ليرة، للسنتيمتر الواحد، وأما الكوري نخب أول ممتاز فهو 300 ألف، بينما النمساوي 400 ألف ليرة للسنتيمتر الواحد.
بينما جلسات العناية بالبشرة تبدأ من 100 ألف ليرة، وتختلف حسب المادة والإبرة المستخدمة والهدف من الجلسة.
أما عروض الليزر “فحدِّث ولا حرج، فالمنافسة بين مراكز التجميل عليها مشتعلة”، بحسب ما يقوله الطبيب.
وتختلف أسعار العمليات الجراحية تبعاً للطبيب الذي يجريها سواءً أكان مشهوراً أو مغموراً وفي العيادة أو في المشفى، ولكن لا تقلّ أي عملية عن مليوني ليرة للأنف، وتكبير الصدر يصل إلى خمسة ملايين ليرة، أما النحت فيبدأ من مليون ونصف ليرة.
وعلى خلاف من يُجرينَ العمليات التجميلية، ترى رشا السلوم (30 عاماً)، وهي موظفة حكومية من سكان حي ركن الدين بدمشق، إن ما تراه هو “تشويه وليس تجميل فالفتيات أصبحن يتشابهن وكلهن يرغبن بحجم مضاعف من أجسادهن ووجوههن”.
وتُضيف قائلة: “لم نعد نرى جمالاً طبيعياً وعندما تكوني على طبيعتك أمر مستغرب”.
وتتساءل الموظفة، “من أعطى سوق عمليات التجميل الحق في وضع مقاييس للجمال؟”
“تجارة رابحة”
وتعتبر “السلوم”، أن مراكز التجميل “أصبحت تجارة رابحة”، إذ تذكر أنها من خلال صديقاتها عرفت أن عدد من الأطباء المعروفين يطلبون أجرهم بالدولار ولا يقبلون بالعملة السورية.
ولا تحتكر فئة اجتماعية معيّنة عمليات التجميل، إذ أن بعض ذوات الدخل المحدود يَقُمنَ بادخار المال من أجل توفيره لإجراء العمليات بما يتوافق مع وضعهن، إلا الطبقة “المخملية” فتحتكر أفضل الأطباء والنتائج تبعاً لما يُنفِقنَ على العمليات.
وتقوم سارة إبراهيم (31 عاماً)، اسم مستعار لموظفة حكومية في دمشق، بعمل جمعيات مع صديقاتها لتتمكّن من ادخار المال من أجل عمل “رتوش” للفيلر الذي حقنته في وجهها.
وتقول، “ليس هناك مشكلة في إجراء أي تغيير على مظهري طالما أنني مقتنعة بما أفعل ولو ملكت المال الكافي لقمت بعدة عمليات أخرى”.
وتُضيف، “عندما تُغيّر الأنثى من شكلها وتهتم بنفسها تتحسّن نفسيتها، ونحن نعيش في زمن مُتعب نفسياً”.
ويرى أخصّائيون نفسيّون في العاصمة، أن قلة الثقة بالنفس ومحاولة التشبه بالمشاهير، إضافة إلى التنمر المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتحديد معايير وهمية للجمال، ساهمت في ازدياد الإقبال على عمليات التجميل رغم عدم حاجة البعض لإجرائها.
وقبل أسبوع،وصلت مرام فهد، اسم مستعار لشابّة ثلاثينيّة، من لبنان إلى سوريا، للقيام بعملية شدّ لجسمها وتكبير للصدر, “كون عمليات التجميل في سوريا أرخص من لبنان”.
وتُشير “فهد”، إلى أنها ستتكفل بدفع 1500 دولار مقابل العملية مع حجز غرفة في المشفى لمدة يوم واحد.