مناطق “محررة” مرتع لقيادات داعش من البغدادي إلى العقال

أربيل- نورث برس

خلال ثلاث سنواتٍ مضت، قُتل ثلاثة واعتقل رابع، من القيادات البارزة في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، بما فيهم الخليفة أبو بكر البغدادي، وذلك في سلسلة عمليات تُثير الاهتمام، باعتبار أن جميعها نُفِّذت في مناطق سيطرة الجيش التركي والفصائل الموالية له، شمال غربي سوريا.

وبعمليات خاصة وإنزالات جوية، تم استهداف قيادي تلو الآخر بدءاً من الزعيم الأكبر للتنظيم أبو بكر البغدادي في إدلب عام  2019، وصولاً إلى ماهر العقال وهو خامس أبرز قيادي التنظيم في عفرين شمالي سوريا، يوم أمس الثلاثاء.

كل هذه العمليات نُفِّذت في جغرافية تحمل دلالات مشتركة ومثيرة للاهتمام، وفقاً لتحليلات وآراء مراقبين محليين ودوليين.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، مقتل أمني في تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، “ماهر العقال”، أمس الثلاثاء في ضربة نفَّذتها طائرة بدون طيّار.

ويعدّ “العقال”، “أحد القادة الخمسة الأبرز” للتنظيم المتشدّد، وكان مسؤولاً عن تطوير شبكاته خارج العراق وسوريا.

عمليات في مناطق “محررة”

وقُتل العقال بينما كان على متن دراجة نارية بالقرب من بلدة جنديرس في عفرين، كما أُصيب أحد كبار مساعديه بجروح خطيرة.

وعفرين تُعتبر من وجهة نظر الفصائل السورية الموالية لتركيا منطقة “محررة” على غرار الباب وجرابلس والريف الشمالي من إدلب. وخضعت لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها منذ ربيع 2018، في عملية أطلقتها تركيا باسم “غصن الزيتون”.

وأتت الضربة بعد خمسة أشهر على مقتل زعيم تنظيم “داعش”، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي على يد قوات أميركية خاصة في أطمة بإدلب.

واستُهلّت عمليات حصد رؤوس قيادات “داعش”؛  بمقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، الذي أعلن الخلافة على مساحات شاسعة في العراق وسوريا في 2014، في غارة شنتها القوات الخاصة الأميركية في إدلب في 2019، مع انهيار التنظيم عسكرياً في سوريا على يد قوات سوريا الديمقراطية وبدعم التحالف الدولي.

وقُتل البغدادي في قرية باريشا في الريف الشمالي لإدلب في شمال غربي سوريا، وهي أيضاً منطقة تقع تحت سيطرة فصائل سورية معارضة من ضمنها أحرار الشام.

وفي منتصف شهر حزيران/ يونيو الفائت، نفّذت قوات التحالف الدولي ضد “داعش”، عملية إنزال جوّي في جرابلس بشمالي سوريا، وهي أيضاً منطقة تقول عنها تركيا وفصائلها إنها “محررة”.

وانتهت تلك العملية بالقبض على قيادي بارز في التنظيم وهو هاني أحمد الكردي، خبير في صناعة القنابل ومُيّسر عمليات، وأصبح أحد كبار قادة التنظيم في سوريا وكان مسؤولاً عن تنسيق الأنشطة المتشددة في جميع أنحاء المنطقة، بحسب بيان التحالف.

تفسيرات

وبعيداً عن التأويلات التي تشير إلى علاقة تركيا بتواجد قيادات التنظيم في مناطق سيطرتها بشمال غربي سوريا، يقول المحلل العراقي علي البيدر، لنورث برس، إنه ليس من صالح تركيا الارتباط بالتنظيم لا سيما أنها عضو في حلف الناتو.

وأضاف، إن ورقة “داعش”، قد “احترقت” و لم يعد لصالح أي دولة استخدامها من أجل تسيير مصالحها.

وبالرغم من أنه ليس من باب الصدفة أن يتواجد معظم الزعامات المتشدّدة في ذات الجغرافية من حيث الجهة النافذة، يُفسر المحلل العراقي ذلك؛ باستراتيجية ليست حديثة تنتهجها تلك التنظيمات.

وتلك الاستراتيجية هي، أن معظم القيادات بما فيهم الذين تزعّموا تنظيم القاعدة كـ”أسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي”، كانوا مختبئين قبيل مقتلهم في أماكن كان لا بدّ أن لا تثير الاهتمام والشكوك وتشعرهم بالأمان.

و”العقال”، الذي قُضي عليه في العملية الأخيرة، يصفه المحلل العسكري أحمد الرحال، بـ”العقل” المخطط للتنظيم، وهو بمثابة خليفة جديد لإعادة تنظيم “داعش” المبعثر وإحيائه.

وفي إشارة للربط بين عناصر التنظيم وطبيعة القوى المسيطرة على الجغرافية التي تُنفَّذ فيها العمليات، قال الرحّال في تصريح مُتلفز: “هناك الكثير من التساؤلات وهي  كيف وصل (العقال) إلى غرب الفرات؟ كيف استطاع البقاء في منطقة تحت سيطرة النفوذ التركي وبين الفصائل الموالية لها؟ كيف كان يحمل بطاقة قيادة دراجة نارية صادر من المجلس المحلي في عفرين؟”.

وأضاف: “يبدو أن المنظومة الأميركية استطاعت بناء شبكة متكاملة وبالتالي هي قادرة على الوصول إلى أي عنصر تريد استهدافه دون الحاجة إلى تحريك قوات”.

إعداد وتحرير: هوزان زبير