ضيق الحال يُجبر عمالاً على مواصلة عملهم تحت وطأة الحرارة المرتفعة شمالي الحسكة

تل تمر – نورث برس

تحت أشعة شمسٍ حارقة تتجاوز درجة حرارتها الـ45  مئوية، يعمل الخمسيني خضر إسماعيل، في معملٍ للبلوك على أطراف بلدة تل تمر شمالي الحسكة، شمال شرقي سوريا، بعدما أجبرته الظروف المعيشية لاختيار مهنة شاقّة بالكاد يسدُّ مردودها رمق عائلته.

وتشهد مناطق شمال شرقي سوريا، موجة حرّ قوية هي الأشدّ منذ بداية الصيف، الأمر الذي زاد من معاناة ذوي الدخل المحدود الذين يعملون تحت وطأة الحرارة مُجبرين من أجل إعالة عائلاتهم.

وبحسب المديرية العامة للأرصاد الجوية في سوريا، فإنّ درجات الحرارة ستكون أعلى من معدلاتها بنحو 3 درجات مئوية.

وحذّرت الأرصاد من عدم التعرّض لأشعة الشمس ولا سيما في فترة الذروة.

وبينما يتصبّب العرق من جبين “إسماعيل”، البالغ من العمر 55 عاماً، على آلة لصنع البلوك يقول، “إنه مُجبر على هذا العمل لعدم توفر فرصة عمل أفضل بعدما تراجع عمله السابق كسائق لدراجة نارية”.

ويُضيف الرجل، وهو أب لولدين، “أكثر ما يُتعبني هو حرارة الشمس، وما أتقاضاه أسبوعياً لقاء عملي؛ هو مصروف يوم واحد”.

ويعمل “إسماعيل”، برفقة عامل آخر ثلاثة أيام في الأسبوع ضمن المعمل بسبب ركود حركة البناء، وذلك لقاء أجر يصل لـ 50 ألف ليرة سورية (12.5 دولار) أسبوعياً، وهو مبلغ  زهيد مقارنةً بالحالة الاقتصادية الرّاهنة.

ورغم غياب الدراسات حول تداعيات الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على إنفاق العائلات، إلا أن حال السكان يؤكد على تركيزهم على الأساسيات الحياتية ووضع الكماليات الأخرى جانباً في ظل الظروف الراهنة.

ومن جانبٍ آخر، تسبب ارتفاع درجات الحرارة وخصوصاً لدى الأطفال والمُسنّين في انتشار الأمراض.

وفي مستوصف “الشهيدة ليكرين” بتل تمر، يقف عشرات المرضى في دورهم للطبابة، بينما يقدم الأطباء للآخرين الرعاية الصحية بعدما أصيبوا بحالات جفاف وإسهال وصداع.

ويقول لؤي بكر، مدير المستوصف الوحيد الذي يقدم الخدمات الطبية في منطقة تل تمر، إنه “منذ بداية الصيف ارتفع عدد المراجعين بسبب ارتفاع درجات الحرارة وقلة المياه وانقطاع الكهرباء”.

وبحسب “بكر”، فإن أغلب المُصابين هم من الأطفال، حيث راجع المستوصف خلال الشهر الماضي 600 طفل مصاب، 70% من الحالات كانت جفاف وإسهال.

حالُ عبد العزيز عواد، وهو نازح من قرية السودة شمال غربي بلدة تل تمر، كغيره فهو يضطّر للانتظار ساعات طويلة تحت أشعة الشمس في موقف خاص للدراجات النارية بغرض كسب راكبٍ لنقله إلى وجهته.

ويعتمد “عواد”، وهو أب لثلاثة أولاد، على دراجته النارية لنقل السكان إلى وجهتهم.

يقول الرجل، الذي اسمرّت بشرته بسبب طبيعة عمله، “ليس لدي مصدر دخل سوى العمل على هذه الدراجة، هو عمل مُهلك تحت أشعة الشمس لنُعيل أطفالنا، كما أن والدتي مريضة وتحتاج إلى أدوية وعلاج مستمر”.

وقبل النزوح، كان “عواد”، يملك أرضاً زراعية يعمل بها إلى جانب تربية الماشية، “لكن جميعها ذهبت بسبب احتلال تركيا لقريتنا”.

يجني”عواد”، الذي يستقرّ مع عائلته حالياً في الريف الجنوبي لتل تمر، من عمله ما بين ثلاثة إلى خمسة آلاف ليرة سورية يومياً “وهو لا يسدّ حاجة أسرتي”.

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير: سوزدار محمد