مواقع أثرية شاهدة على عراقة الرقة وجذورها التاريخية

الرقة -NPA
عندما سيطر العباسيون على المنطقة, قام الخليفة أبو جعفر المنصور بتكليف ابنه المهدي ببناء مدينة "الرافقة" قرب الرقة على نهر الفرات عام 155هـ/ 722م؛ لتكون عاصمة الدولة العباسية؛ فبناها على شاكلة مدينة بغداد، فصُممت على شكل نعل الفرس.
سور الرقة الأثري
كما أمر ببناء سور مضاعف (داخلي وخارجي) حول الرافقة, بينهما فاصل أشبه ما يكون بشارع يفصل بينهما, وأحيط بالسور الخارجي خندق من جميع جهاته عدا الجهة الجنوبية التي كانت محصنة بشكل طبيعي؛ كونها تُطل على ضفة نهر الفرات اليسرى، ومع مرور الأيام زالت معظم معالم السور الخارجي.
أما السور الداخلي الذي يبلغ طوله/5/ كم, فشيدت على امتداده أبراج ضخمة يبلغ محيطها16// م، استخدم في بنائه اللبن المجفف بالشمس، والآجر المشوي.
باب بغداد
للرافقة عدة أبواب, ففي الجهة الجنوبية الشرقية للسور الخارجي يقع باب بغداد الذي يُعتبر مدخل مدينة الرقة الشرقي. سمي بباب بغداد لأنه كان منطلق الطريق إلى مدينة بغداد العراقية في ذاك الزمان.
عرض واجهة الباب 7// أمتار بارتفاع 5//أمتار، محاذياً لبرج متصل بالسور، وتصل فتحة الباب إلى ارتفاع5/./2م, يعلوها قنطرة ذات قوس مكسور، وعلى جانبي الباب حنيتان زخرفيتان، ويعلو هذه الواجهة “أفريز” (شريط زخرفي بارز)عريض مؤلف من صفين من الحنيات السفلى، تتلوها أقواس نصف دائرية، والحنيات السفلى تعلوها أقواس مفصصة ثلاثية، ويحيط بالأفريز إطار بارز، وينفتح الباب من الداخل إلى دركيه ضمن صيوان (خيمة كبيرة تنصب لاجتماع الناس) بعمق متر كانت تعلوه قبة.
وتؤكد الكثير من النصوص التاريخية أن بعض المدن الإسلامية تأثرت ببناء سور الرقة الأثري؛ ومنها مدينة المهدية في تونس.
بقي باب بغداد صامداً أمام عاديات الدهر ونوائب الزمان، ليؤكد على العلاقة التاريخية مابين الرقة وبغداد شاهداً على عراقة تاريخ الرقة عبر العصور.
قصر البنات
يسمى القصر أيضا بقصر "العباسيين" ويقع في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة الرقة. آبدة أثرية ضخمة, تبعد حوالي400//م إلى الشمال من باب بغداد ويسميه أهالي الرقة بـ"قصر البنات".
يمر سور الرقة الأثري فوق الضلع الشرقي لقصر البنات، وهذا ما يُرجح أن البناء من الممكن أن يكون مشيداً قبل سور الرقة الأثري.
يتألف القصر المبني عام /772/م من مادة الجص واللبن والطين المجفف بالشمس, من باحة مركزية تطل عليها أربعة أواوين ( مفرده إيوان وهو كل مجلس واسع مظلل) ويفتح في الجنوب مدخل رئيسي يقابله في أقصى الشمال صالة خلفها حجرة وعلى جانبيها حجرتان، وتطل الصالة على باحة ورواقين، ويمتد القصر شرقاً وغرباً تحت الشوارع القائمة.
لم تبقَ من هذه الآبدة الأثرية إلا الأطلال الضخمة التي تُقدر أبعادها بـ/24/ م من الشرق إلى الغرب و/42/ م من الشمال إلى الجنوب.
لا تذكر المصادر التاريخية قصراً بهذا الاسم في مدينة الرقة (الرافقة)، فالتسمية محلية وليس لها أساس وثائقي.
مسجد المنصور
يعتبر مسجد المنصور الأثري أحد أبرز معالم الرقة الأثرية لا لقدمه فقط، بل؛ للمكانة التي تمتع بها هذا المسجد عبر تاريخ المدينة العريق.
يقع مسجد المنصور وسط المدينة القديمة عند تقاطع شارع((23  شباط مع شارع سيف الدولة.
تصل أبعاد المسجد إلى//106 أمتار طولاً و//98 متر عرضاً؛ فتقارب مساحته بذلك مساحة مسجد بني أمية في دمشق.
تشكل الأطلال المتبقية اليوم من مسجد المنصور جزءاً يسيراً من المسقط الرئيس للمسجد، الذي لم يبق منه سوى السور الخارجي وواجهة الحرم والمئذنة، التي بنيت في الفترة الزنكية عام/1161/ م، وأطلال بعض العضادات والمحاريب وبقايا بعض المداخل.
لمسجد المنصور في الرقة أثر في مجموعة من المساجد الأخرى التي شيدت في كل من العراق ومصر وتونس، والذي يعتبر بحق المدرسة المعمارية الأولى في العصر الذهبي للمسلمين خلال الفترة العباسية الأولى، وقد انتشر النمط المعماري الفني لهذا المسجد الفريد في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي آنذاك.