مجيء العيد يوقظ جراح أمٍ سورية شتت الحرب أبناءها

الرقة – نورث برس

بالكاد تستطيع ذيبة محمد، وهي نازحة من ريف حمص الشرقي، تذكر السن التي وصلت إليه، وتقول (60 عاماً) ثم تعاود القول لا إنه (63 عاماً)، لتردد أخيراً لقد تذكرت إن عمري قد أصبح (70 عاماً) “لقد صرت عجوزاً”.

لم ينل العمر من ذاكرتها، كما يُظن للوهلة الأولى، عندما لم تستطع تذكر كم بلغ عمرها، لتقول: “إنها الحرب يا بني” هكذا كان جوابها، بعد أن علمت أنها أضاعت حتى تقدير عمرها، لتمكث زمناً لا بأس به وهي تردد أعماراً تقارب عمرها حتى تصل لسنها الحقيقي.

و”محمد” التي تعيش حالياً في خيمة خيِّطت من أغطية وأكياس حبوب على طراز خيام رعاة الأغنام أو ما يعرفون بـ “البدو”، تركت قريتها بريف حمص منتصف العام 2017 حينما تقدمت نحوها قوات الحكومة السورية خلال معاركها مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

المسنة هي أمٌ لتسعة أبناء (سبعة ذكور واثنتين من الإناث)، فرقهم النزوح وشتتهم ليتوزعوا اليوم بين مخيمات اللجوء داخل سوريا وخارجها، لكن معظمهم يعيشون مع أسرهم في المخيمات العشوائية في الرقة.

وتقول إن “مجيء العيد أو أي مناسبة أخرى، باتت اليوم تؤلمني، خاصة عندما أتذكر اجتماع أفراد أسرتي، في منزل واحد والفرحة التي كانت تعم المكان”.

هذا الحال تغير بعد أن بعثرت الحرب التي اندلعت في سوريا قبل أكثر من عقد أبنائها التسعة، أكبرهم سناً قد تجاوز الأربعين.

وترى الأم والجدة في الوقت ذاته، أنه لم يعد أمراً هيناً أن يجتمع أفراد أسرتها مرة أخرى، بعد أن باتوا مشردين بين مناطق سورية أو حتى خارج الحدود، اثنان منهما يعملان في الحقول الزراعية في لبنان.

أما الآخرون فهم مبعثرون بين مخيمات اللجوء العشوائية التي تتوزع في ريف الرقة والتي بلغ عددها 58 مخيماً يقطنها نحو 90 ألف لاجئ جُلهم من مناطق حمص وحماة وحلب.

وتعيش المسنة اليوم، مع زوجها الذي تقدمت به السن أيضاً، وواحد من أبنائها بقي معهم، إذ تضطر رغم كبر سنها للاهتمام بأطفال ابنها، حيث أن الأخير يضطر للعمل وزوجته في الأراضي الزراعية المجاورة للمخيم، لتحصيل لقمة العيش.

ويعيش القاطنون في المخيمات العشوائية في الرقة أوضاعاً معيشية سيئة بسبب قلة الدعم الإنساني الذي يحصلون عليه من المنظمات المدنية وشح المساعدات أو حتى انقطاعها بشكل نهائي أحياناً.

وتتحسر على أيامها التي خلت قبل اندلاع الحرب، “ليتني مت قبل هذا” ردتها كثيراً وهي تروي لنورث برس، كيف قُلبت حالها وحال أقرباء لها بسبب الحرب ليتحولوا لنازحين تاركين خلفهم في مناطقهم كل شيء حالهم حال الملايين من السوريين الذين تحولت حياتهم إلى جحيم.

وتتمنى “محمد” أن تستطيع ولو لمرة واحدة أن ترى أبنائها مجتمعين، “لكن ربما بات شيئاً مستحيلاً ليس بالإمكان تحقيقه”.

إعداد: عمار عبد اللطيف ـ تحرير: زانا العلي