خيم نازحين في الحسكة تفتقر لوسائل تبريد وسط موجة حرٍّ قوية

الحسكة – نورث برس

في خيمتها البلاستيكية، تجلس زهراء الجاسم (75 عاماً)، بلا أي وسيلة تبريد، تحاول تارة تبليل قطعة قماش بالماء ووضعها على رأسها لتخفيف الحرارة عن جسدها النحيل، وتقوم تارة أخرى برش المياه أمام باب الخيمة في محاولة غير مُجدية لتعديل الحرارة في خيمتها والتي تتجاوز الـ45  درجة مئوية في الخارج.

ويقضي النازحون في مخيّم سري كانيه، شرقي الحسكة، صيفهم بلا وسائل تبريد من مراوح ومكيفات، في ظلّ عدم كفاية المياه الموجودة في الخزانات المنتشرة في قطاعات المخيّم.

ويضمُّ المخيّم، 2409 عائلة من منطقة سري كانيه،  بينهم 7017 طفلاً، ويتوزعون على 2793 خيمة، بحسب إدارة المخيّم

وقالت عزيزة الخنافر، الرئيسة المشاركة للمخيّم، هناك نقصٌ حادّ في الدعم للمخيّم، حيث لم يتم تقديم أي مراوح أو مكيفات للنازحين حتى الآن.

وتتفاقم معاناة هؤلاء وسط ارتفاع درجات الحرارة، وبحسب المديرية العامة للأرصاد الجوية في سوريا، فإنّ درجات الحرارة ستكون أعلى من معدّلاتها بنحو 3 درجات مئوية في سوريا.

وحذّرت الأرصاد من عدم التعرّض لأشعة الشمس ولا سيما في فترة الذروة.

واتفقت هي الأخرى مع النازحين، أن كمية المياه التي توزعها المنظّمات على الخزانات لا تكفيهم، “ولكن رغم مطالبنا المتكررة من المنظّمات لكن دون جدوى”.

وأمام هذا الحال، لا تجد “الجاسم”، وهي نازحة من بلدة أبو راسين (زركان) شمالي الحسكة، والتي تسكن في المخيّم برفقة زوجها المُسن وابنتها من ذوي الاحتياجات الخاصة، خياراً سوى التحمل، وتقول: “من القهر يوم أبكي ويوم أضحك”.

ولا تنفكُّ السيدة السبعينية عن مقارنة وضعها الحالي مع قبل النزوح، حيث كانت تملك منزلاً مصنوعاً من الطين الذي كان يخفف عنهم درجات الحرارة خلال الصيف ويضمُّ مراوح، “لكن هنا ترون حالي، لا أملك شيئاً”.

واشتكت “الجاسم”، من قلة المساعدات الغذائية في المخيّم والتي لا تكفي عدد أفراد عائلاتها، في ظلّ تردي وضعهم المعيشي وخاصة أنهم خسروا كغيرهم من النازحين كل ما كانوا يملكونه بعد النزوح.

ولا يزال إغلاق معبر اليعربية (تل كوجر) مستمراً ويمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى مناطق شمال شرقي سوريا.

وتتكرر مناشدات مسؤولي الإدارة والنازحين، كي لا يتم إقصاء المنطقة من المساعدات الأممية والتي ستكون سهلة التنفيذ في حال تم إعادة فتح المعبر المغلق منذ  أكثر عامين.

وكانت مخيمات شمال شرقي سوريا تعتمد بالدرجة الأولى على المساعدات الواردة من معبر تل كوجر, والذي يُعتبر الشريان الرئيسي للمنطقة.

لكن إغلاقه تسبب بتفاقم الوضع الإنساني للمتضررين جرّاء الحرب، بحسب تصريح سابق لشيخموس أحمد، رئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتية.

ويطالب النازحون إدارة المخيّم والمنظّمات بتوفير وسائل التبريد والمياه الباردة والألبسة الصيفية لهم.

وأثناء السؤال عن أحوالها في المخيّم، فإنّ ليلى عليوي (52 عاماً)، وهي نازحة من قرية العروبة التابعة لبلدة أبو راسين(زركان)، فضّلت الإجابة بعد الدخول إلى خيمتها بسبب شدة الحرارة.

ووصفت “عليوي”، الحال بأنه “مأساوي حيث لا مياه ولا معونات كافية والحرارة تحوِّل خيمنا لكتلة من النار”.

وأضافت، “المعونات في السابق رغم قلة جودتها كنا راضين عنها، لكن تمّ تقليل كميتها خلال الأشهر الأخيرة، المنظفات لم نستلمها منذ ثلاثة أشهر”.

ويلجأ البعض لشراء قوالب الثلج بهدف تبريد المياه وشربها، فيما يضطّر الغالبية منهم لشرب المياه الساخنة.

وبحسب نازحين، فإنهم يبقون كل يوم من فترة العصر إلى اليوم الثاني بلا ماء، بسبب استهلاك مياه الخزانات المخصّصة للغسيل والشرب والمراحيض بشكلٍ كامل، فيضطّرون للانتظار حتى تقوم المنظمات بتعبئتها مرة أخرى.

ولا يختلف حال حسين السالم (35 عاماً)، وهو نازح من قرية المناجير بريف بلدة تل تمر، شمالي الحسكة، عن باقي النازحين، فهو الآخر يجد صعوبة كبيرة في تحمل درجات الحرارة وسط افتقار خيمته لوسائل تبريد.

ويعجز رب الأسرة عن شراء مروحة لعائلته المكوّنة من زوجته وأطفاله الستة، في ظلّ عدم تمكّنه من إيجاد فرصة عمل يؤمن من خلالها قوت العائلة.

وتلجأ زوجته وفقاً لما يذكره “السالم”، لنورث برس، بتبليل قطعة قماش بالماء ووضعها على أجساد الأطفال لتخفيف الحرارة عنهم، “نحن لا نملك سوى هذه الطريقة”.

إعداد: إيفا أمين –  تحرير: سوزدار محمد