نازحون من عفرين قلقون على مصير أطفالهم من ذوي الاحتياجات الخاصة
ريف حلب الشمالي- نورث برس
تعيش رنكين خليل (32 عاماً)، حالة من القلق الدائم على أطفالها الذين “لا حول لهم ولا قوة”، وكيف سيكون حالهم في حال اضطّروا للنزوح مرة أخرى.
تُفضّل السيدة، التي تعيش مع عائلتها في مخيم سردم جنوبي قرية تل سوسين بريف حلب الشمالي، البقاء في خيمتها البلاستيكية على أن تنزح مرة أخرى إلى مكان مجهول لا تعلم عنه شيئاً، وخاصة أن جميع أطفالها من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتأتي مخاوف النازحة التي تنحدر من قرية براد التابعة لناحية شيراوا جنوبي عفرين، مع استمرار تركيا بالتوعُّد بشن عملية عسكرية على مناطق في الشمال السوري، من بينها منبج وتل رفعت.
وتتزامن التهديدات مع تصعيد عسكري للقوات التركية والفصائل الموالية لها منذ أكثر من أسبوع على قرى وبلدات بريف حلب الشمالي، حيث يتوزع نازحو منطقتها.
وتخشى العائلات النازحة التي تضم أفراداً من ذوي الاحتياجات الخاصة، على مصيرها وخاصة أن الأوضاع الصحية لبعضهم تجعل عملية إنقاذهم من القصف والفرار بهم بالغة الصعوبة في حال نفَّذت تركيا ما تتوعد به.
وقبل أيام، جددت أنقرة مرة أخرى تهديداتها بشن عملية عسكرية جديدة على الأراضي السورية، وقالت إن العملية يمكن أن تبدأ في أي لحظة.
ومنذ أن سيطرت تركيا برفقة الفصائل الموالية لها على عفرين عام 2018، يعيش القسم الأكبر من نازحي المنطقة في مخيمات وقرى وبلدات بريف حلب الشمالي، فيما فضّل آخرون الانتقال إلى مدن في شمال شرقي سوريا، فيما هاجر البعض منهم لخارج البلاد.

“كيف سيكون حالهم؟”
ولم تنسى “خليل”، رحلة نزوحها الأولى، حينما اضطرت للهروب سيراً على الأقدام وهي تحمل أحد أطفالها، وزوجها يحمل طفلاً آخر، كما أنها تخشى أن يتكرر ذلك المشهد مرة أخرى بعد مضي سنوات على نزوحها الأول.
السيدة الثلاثينية هي أم لثلاثة أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، جميعهم يعانون من ضمور دماغي، فيما فُجعت بطفلها الرابع الذي كان يبلغ من العمر ثلاث سنوات، منذ قرابة الشهر.
وتتخوّف السيدة، التي ليس لها أحد سوى زوجها، وتنتظر مولوداً جديداً تحمله في أحشائها، ولم يبقى سوى شهر على قدومه، من أن تبدأ العملية العسكرية التركية على قرى بريف حلب الشمالي.
تقول وهي تبكي على طفلها الذي فقدته تارة، وعلى باقي أطفالها الذين يعيشون ظروفاً قاسية في المخيم تارةً أخرى، “نريد أن نرتاح قليلاً”.
وتضيف، “عندما أسمع أصوات القذائف أخاف كثيراً على مصير عائلتي، خاصة أن زوجي يعاني من مرض العصب، كما أننا لا نملك سيارة ولا حتى دراجة نارية لننقذ أرواحنا، فالأطفال الآخرين يستطيعون الهروب لإنقاذ أنفسهم، لكن أطفالي لا يعلمون أي شيء”.
وتزيد على ذلك، “عندما أجلس أمام الخيمة في الخارج وأتأمل أطفال المخيم، أتساءل في نفسي في حال بدأت تركيا الحرب علينا كيف سأهرب بهؤلاء الأطفال وماذا سيكون حالهم، لا نريد سوى الأمان والسلام والعودة إلى ديارنا في عفرين”.
“كارثة إنسانية”
وبحسب إحصائية لهيئة الشؤون الاجتماعية والعمل التابعة لإقليم عفرين والعاملة بريف حلب الشمالي، يبلغ عدد النازحين من ذوي الاحتياجات الخاصة 901 شخصاً، منهم 156 شخصاً يعيشون في المخيمات الخمسة “برخدان, سردم, عفرين, العودة والشهباء” أما الحالات الأخرى تتوزع في قرى شيراوا وريف حلب الشمالي وبلداتها.
ويعاني هؤلاء أكثر من غيرهم، في مواجهة مشاق وصعوبات الحياة اليومية، في ظلّ ظروف معيشية تعيشها عائلاتهم بعد النزوح.
أما فيدان علي (40 عاماً)، وهي نازحة من قرية قورنة التابعة لناحية بلبل بريف عفرين، فلا تقِّل مخاوفها عن سابقتها من المصير المجهول الذي ينتظرها في حال نفّذت تركيا عمليتها العسكرية.
تخشى هي الأخرى، التي تقيم مع عائلتها في مخيم سردم أن تنقطع بهم سبل معالجة طفلها المصاب بالضمور الدماغي ونقص الأكسجة والاختلاجات المتكررة وضعف البصر.
وتضطر “علي”، الذهاب إلى مدينة حلب مرتين خلال الشهر الواحد بقصد معالجة طفلها، البالغ من العمر ثلاث سنوات.
تقول السيدة الأربعينية، التي ترفض العملية التركية، “في حال تعرضنا لنزوح آخر من المحتمل أن أفقد أدوية طفلي وأفقد أطبائه”.
وتتساءل بنبرة لا تخلو من الغضب، “أين ضمير الإنسانية؟، هم لا يفكرون لا بالأطفال ولا بالنساء والشيوخ ولا حتى بالحالات الخاصة”.
وتأمل كباقي نازحي منطقتها، أن تلعب الدول المعنية في الشأن السوري دوراً لمنع حدوث “الكارثة الإنسانية”، التي في حال أن حصلت ستفقد أمل معالجة طفلها.