موقع شمال شرقي سوريا من تفاهم محتمل بين دمشق وأنقرة بوساطة طهران
القامشلي- نورث برس
ظهرت إلى العلن، ملامح تفاهم سياسي بين حكومتي دمشق وأنقرة تقوده إيران خاصة بعد التهديدات التركية بشن عملية عسكرية على شمالي سوريا.
والسبت الماضي، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، من العاصمة السورية دمشق، أن بلاده تعمل على إيجاد حلّ سياسي لثني تركيا عن شنّ العملية العسكرية التي تهدد بها، في شمالي سوريا.
وأشار الوزير الإيراني، خلال مؤتمر صحافي عقده مع وزير خارجية الحكومة السورية فيصل المقداد، إلى أن بلاده أعلنت استعدادها لتقديم حلّ سياسي للأزمة، “واستعدادنا للمساعدة في هذا الصدد”.
وقال عبد اللهيان: “سنبذل قصارى جهدنا لمنع شنّ عملية عسكرية”. وأضاف أنه تحدث أيضاً إلى المسؤولين الأتراك حول حل دبلوماسي.
وفي نهاية حزيران/ يونيو الماضي، زار عبد اللهيان تركيا، اقترح خلالها عقد اجتماع ثلاثي بين طهران ودمشق وأنقرة لبحث الوضع في الشمال السوري.
وتشهد المنطقة تصعيداً عسكرياً على خطوط التماس بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الحكومة السورية من جهة وفصائل المعارضة الموالية لتركيا والجيش التركي من جهة أخرى، في أعقاب التهديدات التركية، التي ازدادت حدة مطلع الأسبوع.
وكشف وزير الخارجية الإيراني، جانبا من محادثاته التي أجراها مع المسؤولين الأتراك في سياق وساطة إيرانية بين دمشق وأنقرة.
وقال: “قبل عدة أيام كنت في أنقرة، وتحدثت إلى المسؤولين الأتراك، وأكدت بأن الحل يكمن في إجراء حوار بين المسؤولين الأمنيين لكل من تركيا وسوريا (…) ما فهمته من المسؤولين الأتراك أنهم يضعون الحل السياسي كأولوية لحل هذه المخاوف”.
وحملت تصريحات المسؤول الإيراني، رسائل وصفها الباحث في الشّأن الإيراني مصطفى النعيمي، بأنها رسائل طمأنة للحكومة السورية، حول العملية العسكرية التركية والمخاوف الأمنية التي ستتبعها في شمالي سوريا.
وفي الأول من الشهر الجاري، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن سلطات بلاده تعمل في مجال التحضير لعملية عسكرية في شمالي سوريا، ونوه بأن كل شيء يمكن أن يحدث فجأة.
وأضاف الرئيس التركي، للصحفيين على متن الطائرة عند عودته من مدريد، حينها: “لدي بيان حول هذا الموضوع: نحن يمكن أن نقوم بذلك فجأة في الليل. لا داعي للقلق. لا داعي للتسرع والاستعجال”.
هل تنجح مساعي إيران؟
لطالما تزعم إيران في تصريحاتها الرسمية، أنها تدعم اللجوء إلى الطرق السياسية كحل وحيد للأزمات الراهنة، وتجنب كافة الخيارات العسكرية، ولكن السؤال هو ما مصلحة إيران من مساعيها؟.
نقلت تقارير صحفية عن مراقبين ومتابعين للشأن السوري، أن مساعي إيران تأتي في إطار تخوفها على مصالحها، من زيادة النفوذ التركي في سوريا، خاصة إذا ما استغلت تركيا انشغال روسيا في حربها ضد أوكرانيا، لذلك تحاول تقريب وجهات النظر بين أنقرة ودمشق “متفهمة مخاوف تركيا”.
ولذلك أعرب عبد اللهيان عن استعداد بلاده لدعم المفاوضات الهادفة إلى تقليل المخاوف الأمنية التركية في شمالي سوريا، في خضم تسارع الأحداث والتطورات الحاصلة على الأرض في الوقت الراهن.
ولكن تقليل المخاوف الأمنية لتركيا، يعني مشاطرة طهران لأنقرة تلك المخاوف والمتمثلة في شمال شرقي سوريا، حيث الإدارة الذاتية، وبالتالي فإن مصير المنطقة لا يزال مبهماً، بحسب متابعين.
وفي الوقت ذاته، أشار عبداللهيان إلى أنه تحدث “للمسؤولين السوريين في دمشق وأكد لهم أن إيران ستبذل جهودها للحيلولة دون وقوع نزاع عسكري بين سوريا وتركيا والتركيز على حل سياسي”.
ولكن بالنسبة للوضع الميداني، لا تزال كافة أطراف الصراع (القوات الحكومية والفصائل الإيرانية، والقوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها)، تعزز قواتها في مناطق نفوذها شمالي سوريا.
ووصلت ليل الأحد- الاثنين، تعزيزات عسكرية لقوات الحكومة السورية إلى ريف كوباني الجنوبي الشرقي، قادمة من مناطق سيطرتها بريف حلب الشمالي عبر معبر التايهة.
وضمت التعزيزات وفق مصدر عسكري لنورث برس، نحو أربعين عربة عسكرية بينها 4 دبابات و8 مدافع ثقيلة وأكثر من 500 جندي وصلت إلى نقاط التماس مع الفصائل الموالية لتركيا بريف تل أبيض الجنوبي الغربي.
فيما توزعت في عدة قرى بريف كوباني الجنوبي الشرقي على طول نقاط التماس، بينها “سبع جفار ومتين”.
وفي الوقت ذاته تواصل القوات التركية والفصائل الموالية لها إرسال تعزيزاتها إلى مناطق سيطرتها في ريف حلب الشمالي، إضافة لمواصلتها استهدف المنطقة عبر القصف المدفعي أو الطائرات المسيرة.