جفاف مياه السد الجنوبي للحسكة يكشف عن مقبرة يتجاوز عمرها لمئات السنين

الشدادي – نورث برس

بعد انحسار مياه سد الحسكة الجنوبي ظهرت قبور مرتبة فيها بعض العظام الهشة، سهلة التفتت بمجرد لمسها، هذه المقبرة التي يعتقد أنها أثرية وتعود لحضارة قديمة، ظهرت جنوبي الحسكة.

وبينما يتجول سليمان الدهش (48 عاماً)، أحد سكان قرية “طابان”، بين القبور بحذر خشية أنّ يتلف شيئاً مما تخفيه، يقول الذين عثروا على المقبرة منذ حوالي عشرين يوماً، إنه “بعد إنشاء سد الباسل الجنوبي وزيادة كميات المياه في السد، غمرت المياه أراضي زراعية على أطرافه”.

وشُيد سد “الباسل” في عام 1991 على مجرى نهر الخابور، جنوب الحسكة، وهو من أهم السدود في المنطقة، إذ كانت تبلغ سعته التخزينية تقريباً 640 مليون متر مكعب.

وبعد انحسار مياه السد إلى 120 مليون متر مكعب، بعد أن قننت تركيا مياه الخابور،  ظهرت المقبرة التي يتجاوز طولها 1 كيلو متر، بالقرب من تل طابان، وفق “الدهش”.

وهو يشير بيده إلى الأرض التي ظهرت عليها القبور التي كانت مغمورة بالماء وبعض الأراضي المجاورة، يقول: “هذه الأراضي كانت زراعية، عمل فيها أجدادنا، ولم يكن هناك أي أثر يدل على وجود مقابر في هذه المنطقة قبل إنشاء السد”.

ويعود “الدهش” بذاكرته إلى عام 1995، إلى الوقت الذي زار فيه وفد مختص بالتنقيب ومعرفة حضارة التلال الأثرية من البعثة اليابانية بالتنسيق مع الحكومة السورية، تل طابان الأثري، الذي ظهرت بجانبه المقبرة.

وأضاف: “تبين في ذلك الوقت أنّ هذا التل يعود للحضارة الآشورية ويتجاوز عمره 2400 عام”، في إشارة إلى أنّ تكون هذه المقبرة موجودة منذ ذلك الزمن. 

ويعتقد عاملون في لجنة الزراعة بالشدادي، أن قلة الأمطار والجفاف الذي تعرضت له المنطقة خلال الأعوام الماضية القليلة، ساهم بشكل كبير بظهور هذه المقبرة.

ومن جانبه أشار حسن العبد (35 عاماً)، إلى أن المقبرة تمتد من تل طابان الأثري، إلى قرية تل الذهب على ضفاف النهر من الاتجاه الشرقي للسد.

وهو يحاول أن يرينا أحد العظام التي أخرجوها من المقبرة، يقول “هذه المقبرة تحتوي على مئات القبور، لكن هذه العظام البشرية بمجرد لمسها تتفتت على الفور، الأمر الذي يدل على أنها تعود لمئات السنين”.

وهذه المقبرة لم تكن في وقت سابق، من ضمن المقابر المخصصة لدفن موتى سكان القرى فيها، وفق “العبد”، الأمر الذي أكده العديد من سكان القرى المجاورة، فقبل إنشاء سد الحسكة الجنوبي عام 1991، لم تكن المقبرة موجودة، ولم يتعرف عليها طاعنو السن.

ولكن عدنان بري، مدير دائرة الآثار بالحسكة، لم يستغرب ظهور هذه المقابر مع انخفاض منسوب مياه السد، وقال، لنورث برس: “بحسب الإحصائيات الرسمية يوجد نحو 300 موقع أثري منتشر على ضفاف نهر الخابور”.

وأضاف، منها نحو 59 موقعاً مغموراً بالمياه، الكثير منها تم إنقاذها وعملت بعثات عدة في تلك المواقع.

ويرى “بري”، أن ظهور هذه المقابر أمر طبيعي جداً، وكجهة رسمية فقد تم توثيقها في أوقات سابقة وهي تعود إلى العهد الآشوري.

وأشار إلى “احتمال ظهور مواقع أثرية أخرى مع استمرار انخفاض منسوب السد”.

وذكر أن “المقبرة الجديدة التي تم العثور عليها، موثقة لديهم في دائرة الآثار مسبقاً، وأنهم على علم بوجودها، كما أن هناك مواقع أثيرية أخرى تنتشر في منطقتي طابان وصولاً إلى خنيدج”.

إعداد: باسم شيوخ – تحرير: عدنان حمو