عائلات في مخيم بديريك تعجز عن تأمين كميات كافية من الطعام لأطفالها

ديرك- نورث برس

في محاولة لكفّ أطفالها عن مطالبتها بوجبة العشاء قبل النوم، تخوِّفهم الأم بوجود كلاب أو حيوانات كبيرة قرب خيمتهم ويستمر هذا الأمر لدقائق حتى يخلدون للنوم.

 ويتكرر ذلك كل مساء، إذ تعجز مريم عبدالله (38 عاماً)، عن شراء ما يحتاجه أطفالها من طعام ولباس، إذ تجبرهم في بعض الأحيان على النوم وأمعاءهم خاوية.

ويبدو من حديث النازحة التي تنحدر من مدينة سري كانيه (رأس العين)، مدى صعوبة تدبُّر أمور عائلتها المعيشية وتختصر ذلك بلهجتها المحلية، “الجوع ما ينحمل، أقدر أرقّع ثوب ابني إذا تمزق ويمكن أن يلبسه لسنة، بس بطنو ما أقدر أرقّعها”.

وتُضيف، “أطفالي  يبكون من الجوع في الليل، لأنني لا أملك القدرة على شراء المواد الغذائية”.

وفي مخيم نوروز بريف مدينة ديريك، أقصى شمال شرقي سوريا، يواجه النازحون ظروفاً قاسية، بسبب شحّ وتأخُّر المساعدات الإنسانية.

ويقول نازحون في المخيم، إنهم يستهلكون مكونات سلّتهم الغذائية بعد اسبوعين فقط من استلامها، ولعدم قدرتهم على شراء مواد أخرى، تبقى غالبية العائلات بدون وجبتي الفطور والعشاء.

ومنذ ثلاثة أشهر، انتقلت “عبد الله”، وهي والدة لستة أطفال، إلى المخيم الآنف الذكر بعدما عجزت عن دفع آجار منزل كانت قد استأجرته بُعيد نزوحها من سري كانيه قبل ثلاث سنوات.

وبينما يتجمّع أطفالها حولها، تكرر الأم مناشدتها للمنظمات الدولية بضرورة تقديم الدعم لهم، في ظل تفاقم وضعهم سوءاً.

وتزيد على ذلك، “أطفالي يُطالبون بلباس العيد، لكن لا أستطيع إطعامهم وجبات الغذاء الأساسية فكيف لي أن أشتري لهم مستلزمات العيد!”

وتسكن 1076 عائلة، تضّم 5839 فرداً، في مخيم نوروز بحسب إدارته.

ويتشارك جميع النازحون في المخيمات العشوائية والرسمية في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، المعاناة نفسها جرّاء قلة الدعم المقدم لهم، حيث انخفضت حصصهم الغذائية من المساعدات بعد إغلاق معبر تل كوجر(اليعربية).

ويقع المعبر على الحدود السورية العراقية، وكان مخصصاً لدخول المساعدات إلى شمال شرقي سوريا قبل إغلاقه بنحو عامين، بعد استخدام موسكو وبكين حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي أمام مرور مساعدات الأمم المتحدة.

وقبل شهرين، هددت روسيا، بعدم التصويت لصالح قرار تمديد دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا، حتى عبر معبر باب الهوى.

وقال فاسيلي نيبينزيا، مندوب روسيا في مجلس الأمن خلال الجلسة حينها، إن “بلاده لا ترى أي مبررات لتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا والتي تنتهي مهلتها في تموز/ يوليو القادم”.

وفي وقتٍ سابق من الشهر الجاري، قال، شيخموس أحمد، رئيس مكتب شؤون اللاجئين والنازحين في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إن استمرار إغلاق المعبر في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يشهدها العالم وسوريا بشكل خاص، يفاقم الوضع المعيشي للنازحين في المخيمات.

وفي ذات المخيم، يُشاطر عبدالله عبدالقادر(60 عاماً) مع النازحين المعاناة ذاتها، إذ لا تكفي عائلته المؤلفة من 12  فرداً، سلّة غذائية واحدة والتي تتجاوز فترة توزيعها لأكثر من شهر ونصف.

ويُناشد الرجل الستيني، وهو نازح من ريف بلدة تل تمر شمالي الحسكة ويسكن المخيم منذ ثلاثة أشهر، المنظمات الدولية  بفتح المعابر وتقديم الدعم “للأسر المتشرّدة من بيوتها”.

و حال، وضحى خضر(32عاماً)، ليس أفضل من باقي النازحين، فهي الأُخرى تعجز عن تأمين وجبات الطعام لأطفالها الستة.

ووسط تجمّهُر جموع النساء والأطفال والرجال حولها، ناشدت النازحة التي تنحدر من قرية أم الكيف بريف تل تمر، المنظمات بالنظر في أوضاعهم “السيئة جداً”.

وتضيف “خضر”، وهي تسكن في مخيم نوروز منذ أربعة أشهر،  “كمية المساعدات لا تسدُّ حاجتنا، ليس من المعقول أن تستلم عائلة مؤلفة من تسعة أفراد سلّة غذائية واحدة كل نحو شهرين”.

إعداد: دلال علي – تحرير: سوزدار محمد