مسنون من عفرين في مخيمات بريف حلب الشمالي يتخوفون من نزوحٍ آخر

ريف حلب الشمالي- نورث برس

تشير فاطمة بركو (75 عاماً) بيديها إلى الجهة التي تسيطر عليها القوات التركية والفصائل الموالية لها، وتكرر عبارات بلغتها الكردية تارة وبالتركية تارة أخرى، “ماذا تريد منا؟ نرفض هذه التهديدات، نرفضها بتاتاً”.

وتحت ظل خيمتها في مخيم سردم بريف حلب الشمالي، تجلس النازحة التي تنحدر من قرية جلمة التابعة لناحية جنديرس بريف عفرين وتتحدث عن مخاوفها من تكرار تجربة النزوح مرة أخرى.

لا تقوى “بركو”، لتقدمها في السن، على المشي كثيراً في المخيم، وإن اضطرت لذلك تستعين بعصا. وتتساءل: “كيف سيكون حالي في حال قصفتنا تركيا؟”.

وفي مخيمات النزوح والقرى والبلدات التي تأويهم بريف حلب الشمالي، يعبر نازحو عفرين وخاصة كبار السن عن مخاوفهم من رحلة نزوح أخرى، خاصة أن الأوضاع الصحية لبعضهم لا تساعدهم على الفرار بأنفسهم في حال نفذت تركيا ما تتوعد به.

مخاوف هؤلاء تأتي بينما لا تزال تركيا مستمرة في الوعيد والاستهداف. والاثنين الماضي، قال الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن أنقرة مستعدة للعملية العسكرية الجديدة في شمال سوريا ويمكن أن تبدأ في أي لحظة.

وكان قد حدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سابقاً مدينتي تل رفعت ومنبج هدفاً لعمليته العسكرية. ليعاودا أمس الاثنين، التشديد على أن “العمليات العسكرية الجديدة ستبدأ بمجرد الانتهاء من التحضيرات بشأن استكمال الحزام الأمني على الحدود التركية مع سوريا”.

وتلقي السيدة السبعينية بريف عفرين اللوم على منظمات حقوق الإنسان، حيث أنها “لا تقوم بعملها تجاه حماية حقوقهم التي سلبت منهم بقوة السلاح وأصبحوا مشردين في المخيمات”، على حد قولها.

وبعد أعوام من عمليات عسكرية على الأراضي السورية، لم تتوقف التهديدات التركية ولا الاستهدافات لمناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ولا المناطق التي تأوي نازحي عفرين بريف حلب الشمالي.

“ما ذنبنا؟”

وتتذكر “بركو” بحزن معاناتها ومعاناة كبار السن عند خروجهم من عفرين عبر طريق “جبل الأحلام”، وتقول: “تركنا كل شيء خلفنا ولم نستطع أن ننقذ سوى أنفسنا ولا يزال ذلك اليوم يؤلمنا”.

وتتساءل المسنة: “ما ذنبنا لنتحمل كل هذه المعاناة صيفاً وشتاءً، لم نسلب حق أحد، لا نستطيع الهروب إلى أي مكان آخر، لا أستطيع أن أمشي مسافة كيلومتر واحد”.

وما جرى لعائلة “بركو” أو ما يشبهه، كان مصير 300 ألف نازح من منطقتها بعد العملية العسكرية التركية ضد عفرين عام 2018.

توزع قسم منهم في خمس مخيمات وهي (سردم وعفرين والشهباء وبرخدان والعودة)، فيما سكن قسم آخر في قرى وبلدات بريف حلب الشمالي.

وفضل آخرون الانتقال إلى مدن في شمال شرقي سوريا وهاجر البعض لخارج البلاد.

وبحسب إدارة المخيمات الخمسة، تعاني فئة كبار السن من نازحي عفرين، (تقدر أعدادهم في المخيمات بنحو612 مسناً ومسنة)، أوضاعاً معيشية وصحية صعبة للغاية، وخاصة أن معظمهم يعيشون لوحدهم تحت الخيام، كما أن هناك آخرين فقدوا حياتهم قهراً على ما آلت إليه حالهم بعد النزوح.

“ماذا  يريد أردوغان منا؟”

وفي ذات المخيم، تجلس فاطمة شيخو (67 عاماً) هي الأخرى لوحدها أمام باب خيمتها وينتابها القلق أيضاً من التهديدات التركية.

وتقول النازحة التي تنحدر من ناحية بلبل بريف عفرين، “وضعي الصحي لا يسمح لي بأن أخطو بضع خطوات ضمن المخيم، فكيف لي أن أرحل لمكان آخر لا أعرف أين سيكون؟”.

 وتتساءل: “ماذا يريد أردوغان منا؟ نحن أشخاص بسطاء ولم نعد نملك شيئاً بسببه”.

ولم تنسَ “شيخو” إلى الآن يوم حلّقت الطائرات الحربية التركية فوق عفرين، وتقول: “لم نكن ندري ماذا يحصل حولنا والآن، وخاصة بعد التهديدات التركية الأخيرة وقصفها المتصاعد على القرى، عندما أجلس أمام خيمتي دائماً تترقب عيوني  السماء خشية من تكرار المشهد ذاته مرة أخرى”.

ويصعب على جعفر سليمان (62 عاماً) هو الآخر الانتقال لمكان آخر، وخاصة أنه يعاني من مرض القلب والسكري.

ويتساءل النازح الذي ينحدر من مدينة عفرين ويسكن في مخيم سردم برفقة عائلته، “عن أي منطقة آمنة يتحدث أردوغان ونحن نعلم ما يحدث في عفرين من قتل واغتصاب واعتقال؟”.

ويخشى هو الآخر من تكرار تجربة النزوح مرة أخرى ولا سيما أنه لم يبق له سوى خيمة بلاستيكية في مخيم سردم، ويطالب بتدخل المجتمع الدولي لمنع تركيا من تنفيذ عمليتها العسكرية، “والتي ستكون لها عواقب كثيرة على حياة النازحين”.

 إعداد: فايا ميلاد- تحرير: سوزدار محمد