باحث سياسي: اللقاءات والزيارات في المنطقة لها علاقة مباشرة بالصراع الأميركي الصيني
أربيل ـ نورث برس
لخص باحث سياسي عراقي موضع سوريا من اللقاءات العربية الأخيرة بين السعودية ومصر والأردن والعراق كذلك تركيا وقبلها مع إسرائيل، بالجزء الصغير من الصراع الأكبر بين الغرب والصين.
وبدراسة طبيعة العلاقات العالمية بين روسيا والصين من جهة وبين دول شرق أوسطية وعربية مع الولايات المتحدة، وبالنظر إلى أن الحكومة السورية الحالية خاضعة للنفوذ الروسي، لا بد أن يكون لدمشق نصيب من تنظيم العلاقات الجديدة التي ترتسم خيوطها مؤخراً.
ويقول جواد البيضاني وهو باحث سياسي وأستاذ تاريخ في جامعة بغداد، إن ما يجري من تحركات عربية وشرق أوسطية مؤخراً تستبق تنظيم علاقات في ظل احتدام الصراع على المستوى العالمي، وكله يتعلق بالصراع الغربي- الصيني وحليف الأخير المبطن روسيا.
ويرى الباحث أن الولايات المتحدة لا تستهدف إيران بقدر ما تريد كبح جماح التمدد الصيني ولا سيما الاقتصادي المخيف إلى الغرب عبر إيران.
وجرت خلال الأسبوعين الأخيرين سلسلة من اللقاءات والزيارات العربية- العربية والسعودية- التركية وسابقاً التركية الإسرائيلية.
وقام ولي العهد السعودي بجولة بدأها في مصر ثم الأردن ثم تركيا يحاول منها الاتفاق على الأولويات وملفات قبيل قمة جدة التي سيحضرها الرئيس الأميركي.
وكانت واشنطن قد أعلنت في وقت سابق، أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيشارك في قمة تعقد في جدة وتجمعه بقادة دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى العراق والأردن ومصر.
وأمس السبت، زار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي السعودية والتقى ولي عهدها محمد بن سلمان، فيما سيكون له زيارة مقررة إلى إيران.
وقبل ذلك، انعقدت قمة ثلاثية في شرم الشيخ بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع العاهل البحريني، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني.
والجولات هذه تستبق زيارة الرئيس الأميركي جو بادين. وبحسب ما يرجحه الباحث العراقي، فإن الولايات المتحدة تخطط عبر دول شبه حليفة لها الالتفاف على الطاقة الروسية وإيجاد علاقات بديلة تخفف من تداعيات الأزمة.
وتقوم الاستراتيجية الأميركية في ظل الحرب الروسية الأوكرانية وزيادة أسعار الطاقة وأزمة الغذاء العالمية، على رسم علاقات جديدة وترسيخ أخرى من شأنها تقويض المصالح الروسية والصينية في المنطقة.
لكن “البيضاني” لا يعول على نجاح ذلك على الفور، نظراً للعقدة الكبيرة في العلاقات المتضادة بالشرق الأوسط.
وفي منتصف حزيران/يونيو الجاري، تم توقيع مذكرة التفاهم الثلاثية بشأن التعاون في مجال “تجارة ونقل وتصدير الغاز الطبيعي بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي” تحت مظلة منتدى غاز شرق المتوسط بالقاهرة.
وجاءت الاتفاقية في وقت بدأت فيه روسيا بالفعل ما يسمى “حرب الغاز” ضد أوروبا التي فرضت عقوبات على روسيا، ولكنها لم تسلم من تداعياتها وأصبحت تبحث عن البديل لتخفيف الأزمة عن نفسها.
ورغم أن الغرب أجمع على سياسة موحدة حيال الطاقة العالمية، مستهدفاً روسيا، إلا أن الأخيرة ظلت مُصدّراً رئيسيًا للطاقة إلى العالم.
كما حاولت روسيا الحفاظ على قيمة الروبل من خلال إجبار المستوردين على التعامل بالروبل، وعوضت بذلك جزءً كبيراً من خسارتها الاقتصادية في الحرب التي تشنها على أوكرانيا منذ الرابع والعشرين من شباط/فبراير الماضي.
وبالعودة إلى سوريا، فكلما واجهت روسيا ضغوطات، في حال نجح الحراك الأميركي بكبح جماح النفوذ الروسي وبالتالي الصيني في الشرق الأوسط وقد نجح ذلك بالفعل نظراً لتدهور العلاقة بين روسيا وإسرائيل، ستكون لدمشق حصة من التأثير.
ومن المعروف أن الولايات المتحدة تدخلت في حسم الخلاف بين لبنان وإسرائيل بخصوص الحدود البحرية ومنابع الغاز، وفي ضوء ذلك تقول إنها ستعطي الضمانات لإيصال الغاز إلى لبنان عبر الأردن فسوريا، متجاوزة بذلك عقوبات قيصر المفروضة على دمشق.
ويفسر “البيضاني” ذلك، بأن الولايات المتحدة وفي ظل تنظيم نوع جديد من العلاقات مع بلدان الشرق الأوسط، بشكل يحافظ على مصالحها في مواجهة النفوذ الصيني الروسي، تغض الطرف في بعض الأحيان عن التعاملات غير المحببة بالنسبة لها كالتي تتعلق بالغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا أو تعاملات العراق مع إيران.
وذكر مثالاً، حين عزمت واشنطن على عدم فرض قيود شديدة على العراق بالتبادل التجاري وما يتعلق بالعقودات النفطية مع إيران الخاضع للعقوبات الأميركية.