سياسيون ونشطاء حقوقيون: سوريا ساحة المقايضات والمصالح الدولية

درعا ـ نورث برس

يرى سياسيون ونشطاء حقوقيون، أن سوريا تحولت إلى ساحة صراع ومقايضات على المصالح والنفوذ، حيث تبسط القوى الكبرى المتصارعة سيطرتها على سيادة الدولة السورية وتفرض سياسة الأمر الواقع عليها، لتؤكد التهديدات التركية الأخيرة لشمالي سوريا على أن المصالح الدولية تُنفذ على حساب الشعب ومعاناته من الحرب.

وقالت سميرة مبيض عضو في كتلة المجتمع المدني في اللجنة الدستورية لنورث برس: “تسعى تركيا اليوم للاستفادة من الظروف الدولية بهدف الوصول لمصالحها بأقصى قدر ممكن من المقايضات السياسية في سوريا، وعلى رأسها السعي للهيمنة على مناطق الشمال تحت مسميات الأمن القومي أو المناطق الآمنة”.

وأشارت إلى أن هذا المسعى “ليس بالأمر المستحدث بل يعاد طرحه اليوم بسبب النزاعات الدولية من جهة، والتشرذم الداخلي السوري من جهة ثانية، وتأتي خطورته لما سيؤول إليه التوسع التركي مجدداً، ويؤسس لاقتطاع مناطق حيوية من سوريا”.

وسيطرت تركيا والفصائل الموالية لها على مدن ومناطق في شمالي سوريا خلال سلسلة من العمليات العسكرية في السنوات الماضية، بدأت بعملية “درع الفرات” في آب/ أغسطس عام 2016، وعملية “غصن الزيتون” في يناير/ شباط عام 2018، وانتهاء بعملية “نبع السلام” في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019.

 سوريا ضحية الصراعات الداخلية التركية

ترى “مبيض” أن الأوضاع الدولية محرك إضافي للتهديدات التركية “لكنها ليست الدافع الوحيد”، إذ أن التهديدات العسكرية لسوريا “تعكس صراعاً داخلياً بين الحكومة التركية وحزب الشعب الجمهوري المعارض، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات التركية”.

وشددت على أن سوريا “ليست ضحية السياسات الدولية فقط، بل تقع ضحية الصراعات الداخلية التركية التي تمتد اليوم بشكل مباشر إلى شمالي سوريا”.

وأشارت إلى أن “حالة التشرذم السوري وضعف الروابط بين السوريين بعد عقد من الصراع المسلح، وما جرى تدويله ضمنه من صراعات محاور وإيديولوجيات متنازعة وعابرة للحدود تعد أسباباً إضافية”.

التعويل على “النظام السوري” وإيران

شددت السياسية السورية على أن الاستقطاب الحاصل في شمال شرقي سوريا “يفضي بشكل بديهي لزيادة تأثير النظام السوري والإيراني في مواجهة التهديدات التركية للمنطقة بغض النظر عن  المواقف الدولية تجاه هذا الاستغلال، لكنه نتيجة بديهية لحالة عدم الاستقرار والتهديد المستمر الذي تعيشه المنطقة منذ سنوات”.

كما أشارت عضو اللجنة الدستورية إلى أن “النظام السوري لا يمتلك القدرة على مواجهة أي تصعيدات، فهو يعتمد على روسيا وإيران عسكرياً”.

وترى أن الدولتان لا تسعيان إلى مواجهات عسكرية مباشرة في المنطقة، والمسار المرجح من كافة الأطراف الدولية هو السعي للحد من التصعيدات التركية وعملية التوسع المزمعة نظراً لخطورة نتائجها على المدى البعيد.

وشددت “مبيض” على أنه “يتوجب على السوريين المتضررين في هذه المناطق السعي لإيجاد حلول بديلة لضمان الاستقرار، وعلى رأسها تحييد القوى الفصائلية والميليشيات وضبط السلاح المنفلت”.

وقالت: “يجب تشكيل إدارات مدنية معتدلة، وتوحيد المناطق الشمالية لتكون نواة لبناء سوريا الحديثة، ووضع ركائز لنهوضها تمهيداً لتشمل كافة المناطق السورية”.

الشمال السوري ساحة لتحقيق النفوذ

قال المحامي والناشط الحقوقي ميشيل شماش لنورث برس: “تأتي التهديدات التركية للشمال السوري في ظل صمت وضعف  نظام الأسد الذي فتح أبواب سوريا لكل من هبّ ودب، ولا يعنيه الحفاظ على وحدة سوريا بقدر ما يحافظ على كرسي الحكم”.

وأشار إلى أنه، ليست المرة الأولى التي تهدد فيها تركيا الأراضي السورية بل وتعتدي عليها، وهي أساسا “تحتل” أجزاءً من شمالي سوريا. 

وأضاف: “تركيا تستغل كل الظروف لصالحها، سواء الحرب الأوكرانية أو ضعف النظام السوري  أو الخلاف الأميركي الروسي لفرض سيطرتها على المنطقة”.

وقال “شماس”: “يجب أن لا ننسى مسؤولية الدول المتدخلة في الشأن السوري والمحتلة للأراضي السورية بما فيها إسرائيل”.

إعداد: إحسان محمد ـ تحرير: قيس العبدالله