التهديدات التركية الأخيرة تهدد بهجرة المسيحيين المتبقيين في حلب
حلب- نورث برس
منذ سنوات، يرفض جورج عداس(65 عاماً) وهو من سكان حي السليمانية بمدينة حلب، طلبات أولاده المتكررة له ولزوجته بضرورة اللحاق بهم والسفر إلى كندا.
لكن الرجل الستيني وبعد التهديدات التركية الأخيرة بشن عملية عسكرية في مناطق بالشمال السوري ومن بينها بلدة تل رفعت يقول إنه قد يترك حلب ويهاجر هو وزوجته أيضاً في ظل إلحاح أولاده.
ويضيف، “في حال شنت تركيا عملية عسكرية قد أرحل عن مدينتي، فتركيا قد تشعل فتيل الحرب مجدداً وتدخل حلب بدوامة من العنف والقتل والقصف العشوائي قد تكون أشد فتكاً وإيلاماً مما مر على المدينة ببداية الحرب”.
وبداية هذا الشهر جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ، نية بلاده شن عملية عسكرية جديدة، “للرد على الهجمات التي تهدد أمن تركيا القومي”، وحدد أردوغان تل رفعت ومنبج هدفاً للعملية.
ويعبر مسيحيون في حلب عن مخاوفهم من الهجوم التركي المحتمل على تل رفعت ويرون أن العملية العسكرية قد تؤدي إلى هجرة ممن تبقى منهم في المدينة.
ومنذ بداية الحرب في سوريا، شهدت مدينة حلب هجرة أعدادٍ كبيرة من المسيحيين، ازدادت مع سيطرة الفصائل المعارضة المسلحة على أحياء في المدينة، حتى أصبحت الأحياء ذات الغالبية المسيحية شبه خالية منهم.
ومن أبرز عوامل هجرة المسيحيين، انعدام الأمن وشيوع التشدد تجاه الأقليات والذي نشرته الفصائل المسلحة في المدينة، إضافة للصعوبات الاقتصادية والمعيشية وعجز الحكومة عن إعطاء السكان أي تطمينات أو ضمانات، بحسب سكان مسيحيين في حلب.
كما أن تواجد تركيا في أرياف حلب مع فصائل موالية لها، زاد من مخاوف هؤلاء من تعرضهم لـ”مجازر”.
ويشير “عداس” بيديه إلى البناية السكنية التي يقطن بها ويقول إنها تعطي أكبر دليل عن حجم الهجرة لمسيحيي حلب “فمن أصل عشرة منازل لخمسة طوابق سكنية لا يوجد في العمارة سوى أنا وزوجتي”.
وقبل الحرب السورية، كانت أحياء السليمانية والعزيزية والسريان القديمة والسريان الجديدة، إضافة للميدان وحي الجديدة والتلل، ذات الغالبية المسيحية، إضافة إلى توزع بعض العائلات في أحياء أخرى.
وبحسب عبد النور حجار (75 عاماً) وهو استاذ تاريخ متقاعد من جامعة حلب، إن الوجود المسيحي كان في مدينة حلب قبيل اندلاع الأحداث السورية يتجاوز 12٪ من مجموع السكان، لكن اليوم بات لا يتخطى 1%.
ويرى “حجار” أن التدخل التركي في الحرب السورية، “ودعمها لفصائل متشددة كداعش وتنظيم القاعدة وغيرها من الفصائل التي مارست بحق مسيحيي حلب كل أنواع القتل والخطف والتنكيل، إضافة لقصف الأحياء المسيحية في المدينة بشكل همجي ومكثف كان السبب في هجرتهم”.
ويحذر من تنفيذ تركيا لتهديداتها، إذ أن ذلك “سيكون بمثابة جرس إنذار أخير للمسيحيين في حلب وسيدفع ما تبقى منهم للرحيل من المدينة”، بحسب قوله.
ويزيد على ذلك، “تركيا ومنذ دخولها مسرح الأحداث التاريخية في الشرق الأوسط كانت التهديد الأكبر للوجود المسيحي في هذه المنطقة، المسيحيين بسبب تركيا تحولوا من مكون أساسي في سوريا إلى أقلية تصارع للبقاء والحفاظ على الوجود”.
ولا يختلف الأب طوني صايغ(49 عاماً) من مطرانية الروم الأرثوذكس في حلب رأيه عن سابقيه، فهو الآخر يرى أن أي هجوم تركي جديد على الشمال السوري سيكون، “إعادة لنفس سيناريو الموت الذي طال حلب والأحياء المسيحية فيها”.
ويرى “صايغ” أن أي توافق غربي وأي ضوء أخضر سواء من روسيا أو دول الغرب لتركيا لشن عمل عسكري جديد
“سيكون بمثابة مشاركة بجريمة الإبادة وتهجير المكونات السورية وبمقدمتها المكون المسيحي”.