“اقتلني بالرصاص ولا تذبحني بالسكين”.. نازح من تل أبيض ساوم على طريقة إعدامه

الرقة – نورث برس

في خيمة محاطة ببعض الورود المزروعة يدوياً، شمالي الرقة، يجلس علي حسو (70 عاماً) مستذكراً بكل دقة تفاصيل اعتقاله من قبل عناصر في فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا أواخر عام 2019.

لم تشفع له سنيُّ عمره المتقدمة أمام “سطوة إجرام” عناصر فصائل المعارضة، حيث سمع بأذنيه كيف اتفق العناصر على قتله ذبحاً بالسكين.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2019، شنت القوات التركية برفقة فصائل من المعارضة الموالية لها، عملية عسكرية ضد منطقتي سري كانيه وتل أبيض، انتهت بسيطرتها على المنطقتين ونزوح مئات الآلاف من المدنيين.

وقبل تلك العملية كان الرجل السبعيني، وهو أب لستة أبناء وفتاة، أكبرهم إدريس بعمر (42 عاماً)، يعمل حارساً في صوامع قرية “صخرة عبد الشيخ”، ليتعرض للاعتقال بعد سيطرة الفصائل على القرية بتهمة الانضمام لقوات سوريا الديمقراطية.

وأثار سماعه لطريقة إعدامه التي اتفق عليها العناصر، الرعب في نفسه، إذ تخيل سكيناً يحملها أحد العناصر الذين اعتقلوه تحز عنقه، في مشهد تكرر كثيراً في مناطق الرقة والحسكة ودير الزور وأرياف حلب، التي خضعت مساحات واسعة منها لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” سابقاً.

وتداولت وسائل إعلام محلية وعالمية أسماءً ومعلومات تتحدث عن عدد من عناصر “داعش” السابقين الذي نجحوا في الفرار، والانضمام إلى فصائل المعارضة السورية التي استخدمتها تركيا في عدة مناطق بما فيها الشمال السوري.

وتيقن “حسو” آنذاك أن الموت بات قريباً جداً والذي يفصله عنه هو ثوانٍ فقط طالما أن العناصر الذين اعتقلوه اتفقوا على ذلك.

وحاول الرجل إبعاد التهمة المنسوبة إليه عن نفسه، من خلال حقيقة عمله في حراسة صوامع المنطقة وأنه ليس قيادياً في “قسد” أو مسؤولاً في الإدارة الذاتية.

وساوم على طريقة قتله بالرصاص أو تركه على قيد الحياة مقابل إعطائهم مفاتيح الصوامع التي كانت مليئة بالحبوب والمعدات والآلات والتعهد بعدم الهروب والبقاء في المنطقة رفقة زوجته العجوز.

نجح “حسو” في إقناع معتقليه بتركه على قيد الحياة، حيث أطلقوا سراحه وتوجهوا نحو الصوامع بهدف “سرقتها”.

بعد دقائق فقط من إطلاق سراحه، استقل الرجل السبعيني دراجته النارية متجهاً نحو مناطق ريف تل أبيض الغربي الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية متخفياً بين النازحين الذي كانوا يفرون من المنطقة.

وودع الرجل زوجته السبعينية وقال لها إنه مقتول لا محالة، وأنه يفضل أن يقتل على دراجته النارية خلال هروبه بالرصاص أفضل له من أن يُقتل ذبحاً، وأن المطلوب من الزوجة وأولادها الخروج من المنطقة في أسرع وقتٍ ممكن.

نجا “حسو” وزوجته من “الموت المحتم”، ويعيش حالياً في مخيم تل السمن شمالي الرقة وهو ومعظم أولاده على بعد كيلومترات قليلة من خطوط التماس مع فصائل المعارضة والجيش التركي.

لكن الرجل يخشى إمكانية “احتلال” تركيا والفصائل لمناطق جديدة وخاصة بعد أعلنت أنقرة عن نيتها شن عملية عسكرية في مناطق بالشمال السوري.

ويقول إنه زرع حول خيمته الورود والشجيرات الصغيرة وسماها بأسماء كردية، إذ أن ذلك يذكره بمنزله وقريته بريف تل أبيض التي يفقد أمل العودة إليها تدريجياً مع طول فترة النزوح وزيادة “أطماع” تركيا في المنطقة.

إعداد: عمار عبد اللطيف – تحرير: عمار حيدر