أعمال البناء شبه متوقفة في كوباني بعد التهديدات التركية
كوباني- نورث برس
يضطر يحيى ملا يوسف (34 عاماً) وهو عامل بناء من مدينة كوباني، شمالي سوريا، لاستدانة بعض النقود من أصدقاء وأقرباء له لتأمين مستلزمات عائلته اليومية وذلك بعدما تراجعت حركة عمله ودخله اليومي بسبب التهديدات التركية بشن هجوم على مناطق في الشمال السوري.
وفي كوباني، وعلى إثر التهديدات التركية الأخيرة توقفت معظم ورش البناء، حيث يتخوف السكان من نزوح جديد وخسارة أموالهم في حال أنفقوها على أعمال البناء.
وبات الجميع يدخر ماله دون إنفاقه لتدبر أمور عائلته في حال النزوح لمنطقة أخرى وترك منزله.
وانعكس تأثير التهديدات التركية، سلباً على العمال الذين يعملون في هذا المجال، حيث خسر البعض مصدر رزقهم، فيما يعاني آخرون من تراجع حركة العمل التي أثرت على دخلهم اليومي حيث بات لا يكفي لتأمين كافة مستلزمات عائلاتهم.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منذ عدة أسابيع، عن عملية عسكرية جديدة في مناطق بالشمال السوري، لاستكمال ما سمّاه “المنطقة الآمنة”.
ويصف “يوسف”، الذي يعمل في مجال البناء منذ 15عاماً، وضعه المعيشي بأنه بات “تحت الصفر” بسبب التهديدات.
وهذا الوضع دفع بـ”يوسف” وهو رب أسرة مؤلفة من أربعة أطفال لزراعة أصناف من الخضراوات بأرضه لكسب بعض المال منه لسد حاجته وتسديد الديون التي تتراكم عليه في موعدها المحدد.
وعقبطرد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من كوباني عام 2014، والدمار الذي لحق بالمنازل والبنى التحتية، نشط قطاع البناء وإعادة الإعمار بشكل كبير، حيث وصل المردود المالي اليومي لعمال البناء ما بين 30 إلى 40 ألف ليرة سورية، بحسب عاملين في هذا القطاع.
ولكن حالياً، أصبح العمل متقطعاً ويقتصر على من اشترى مواد البناء قبل التهديدات ولا تتجاوز المردود اليومي للعامل لنحو 20 ألف ليرة سورية وهو مبلغ لا يكفي سوى ليوم واحد فقط، بحسب “يوسف”.
ومنذ أربع سنوات، يؤجل محمد مصطفى (52 عاماً) وهو من سكان حي بوطان شرقي في مدينة كوباني، بناء منزلٍ لأبنائه نظراً لضيق منزله الذي يقطن فيه هو وأفراد عائلته وأبنائه المتزوجين.
ولكن الرجل الخمسيني في كل مرة ينوي البدء بالبناء، كان يتراجع بسبب المخاوف من نتائج التهديدات التي تطلقها أنقرة بين الحين والآخر وخاصة بعد سيطرتها على عفرين عام 2018.
وقبل شهرين، قرر الرجل الخمسيني البدء بالبناء، حيث أحضر كل المواد اللازمة، لكن التهديدات الأخيرة دفعته لإيقاف العمل مرة أخرى.
ويشير “مصطفى” إلى أن التهديدات التركية جعلت مواد البناء قليلة في الأسواق بسبب توقف تجار مواد البناء عن استيرادها، حيث يتخوفون من تنفيذ عملية عسكرية بالمنطقة وخسارة موادهم ورأس مالهم.
وتصل تكلفة كل حمولة سيارة شحن كبيرة لمبلغ 30 ألف دولار، بحسب تجار.
وأمام هذه المخاوف، يطالب “مصطفى” كما سكان منطقته، الأمم المتحدة والدول الفاعلة بملف الأزمة السورية التدخل لمنع تركيا من تنفيذ ما تلوح به.
ويشتكي أحمد بوزي (68 عاماً)، وهو صاحب ورشة بناء في كوباني، هو الآخر من تراجع حركة البناء في المدينة، ويقول، “لدي عمال يعملون يومين ويتوقفون لأكثر من أسبوع بسبب عدم توفر عمل”.
ويعمل لدى “بوزي” ثمانية عمال يتقاضى كل عامل حالياً أجراً يومياً يتراوح ما بين 10 آلاف إلى 20 ألف ليرة سورية فقط، ما يضعهم أمام تحديات تأمين كافة مستلزمات عائلاتهم في ظل غلاء الأسعار.
ويضيف “بوزي” بنبرة استياء، “التهديدات التركية أثرت على عملنا، منذ 20 يوماً وحركة العمل شبه متوقفة”.