معاناة النازحين في الرقة.. غلاء المعيشة وندرة فرص العمل

الرقة- أحمد الحسن/عبد الرحمن الجاسم-NPA
“منزل نصف مدمر, دون أبواب ونوافذ, نسكن فيه أربع عائلات, ثمانية عشر فرداً, إجاره شهرياً25//ألف ليرة سورية(حوالي  50 دولار)”.
عبدالله الحسن نازح من مدينة البوكمال التابعة لمدينة دير الزور شرقي البلاد يختصر حاله بهذه الكلمات لـ”نورث برس”. 
انتقل الحسن مع عائلته إلى مدينة الرقة شمال شرقي البلاد منذ عامين، تنقل خلال هذه الفترة لأكثر من سبعة بيوت بين مدينة الرقة وريفها، وانتهى به المطاف هو وأربع عائلات في بيتٍ نصف مدمر.
معاناة
البيت مؤلف من غرفتين دون أبواب ونوافذ وبهو مدمر دون جدران، قام الحسن وأهله بتنظيفه من الركام، وبسبب اضطرارهم  دخلوه دون أن يتأكدوا من أنّه خالٍ من الألغام, ليعثروا خلال تنظيف البيت على عدة قذائف “هاون” غير متفجرة.
يقول الحسن “نموت بلغمٍ أهون علينا من الموت بحرارة الشمس في الخيام، فأطفالنا صغار”.
ويطالب الحسن كومين الحي (مجموعة لجان مكونة من أهالي الحي تدير شؤونه)  بتسجيل أفراد العائلات التي تُقيم معه للحصول على المساعدات الإنسانية, فكان رد الكومين “نحن لا نسجل إلا عائلة واحدة فإذا أردت التسجيل عليك أن تقسم البيت إلى أربعة أقسام”, حسب ما يقوله الحسن.
  
وعمل عبدالله مع العائلات الأربع على إغلاق النوافذ والأبواب بالطوب الاسمنتي(البلوك) وقاموا بتأمين المياه والكهرباء في محاولة  لتوفير أدنى مقومات الاستقرار.
خليل صبري الأحمد نازح آخر من مدينة البوكمال  يتحدث لـ”نورث برس” عن معاناته قائلاً “المكاتب العقارية لا تراعي وضع النازحين, كونهم يطالبون بآجار مرتفع للبيوت”, مشيراً إلى أن “كومين الحي يرفض تسجيل أسماء العائلات الأربع, مقتصراً على اسم عائلة واحدة فقط لتقديم المساعدات”.
وطالب الأحمد  بإلغاء طلب الكفالات كونهم من أبناء المنطقة.    
حال خضر الحمصي نازح من قرية وادي العزيب في ريف حمص الشرقي لا يختلف كثيراً عن حال حسن عبد الله, اضطرته الحرب وأهله إلى النزوح إلى مدينة الرقة طلباً للأمان بعد أن فقد مصدر رزقه.
يقول الحمصي “كنت أملك /500/ رأس غنم أخذت نصفها قوات الحكومة السورية ومات النصف الآخر بقذائف المدفعية والهاون”.
نزح خضر وعائلته المكونة من/13/شخصاً بينهم امرأة عجوز وأربعة أطفال إلى قرية المنصورة في ريف الرقة الغربي ثم انتقلوا إلى مدينة الرقة طلباً لفرص العمل.
تأمين قوت العيش
تسكن عائلة خضر في بيت ليس له أبواب ونوافذ, ليقوموا  بسدها بقطع من القماش. 
عمل أبناء خضر في عدة مجالات ولكن لم يحالفهم الحظ  لعدم امتلاكهم الكفالات المطلوبة, فاضطروا إلى جمع مادة الحديد من بقايا الأبنية المدمرة.
يقول مزاحم الابن البكر لـ خضر: “عملت أنا وإخوتي في جمع الحديد ولكن السلطات المحلية منعتنا من العمل وتعرضت للسجن لمدة شهر”.
وبسبب الظروف المعيشة القاسية, بدأت زوجة خضر (50عاماً) وأبنائها الصغار الذين لم يتجاوزوا العاشرة بجمع الحديد والبلاستيك للحصول على قوت يومهم. 
تقول زوجة خضر “نبيع الحديد الذي نجمعه أنا وأبنائي بـ /50/ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، ونجمع البلاستيك لنحصل على الخبز والخضار وندفع إيجار البيت الذي يبلغ /13/ألف ليرة سورية شهرياً”.
وتتحدث والدة خضر وهي امرأة عجوز فاقدة للبصر80)عاما) عن معاناتهم قائلة “لم نحضر معنا شيء من بيوتنا إلا ملابسنا وقد تصدق علينا جيراننا بأغطية وبعض قطع السجاد التي ننام عليها”.
وأشار الحمصي إلى أن كومين الحي رفض أن يسجل أسماهم للحصول على المساعدات إلا بجلب بياناتهم الرسمية التي فقدوا أغلبها أثناء نزوحهم من حمص. 
مزاعم لتبرير التقصير
تحاول الجهات المسؤولة بدورها أن تبرر تقصيرها تجاه النازحين بزعم إحصاء أعداد سكان المدينة وتأمين المستلزمات.
وبهذا الخصوص أوضح رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مجلس الرقة المدني عبد السلام حمسورك، لـ”نورث برس” أن الغاية من طلب الكفالة هي لوضع إحصائيات دقيقة لسكان المدينة لأجل توزيع فرص العمل والمساعدات الإنسانية بشكل عادل.
وبين حمسورك أن اللجنة تعمل على توجيه المنظمات العاملة في مدينة الرقة لمساعدة العائلات الأكثر فقراً, مشيراً إلى أنه تتواجد/110/منظمات مرخصة في مجلس الرقة المدني, منوهاً بأن/20/ منها فقط تعمل بشكل فعلي في المجالات الإنسانية.
وأكد حمسورك أن اللجنة تعمل على توجيه الجهات المانحة، إلى فتح فرص عمل مستدامة لسكان المدينة وللنازحين قائلاً “نعمل على دعم المشاريع الصغير من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي”.
يذكر أن تنظيم “الدولة الإسلامية” سيطر على مدينة الرقة عام 2013 واستمرت سيطرته حتى السابع عشر من شهر تشرين الأول عام 2017، عندما تمكنت قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي، من السيطرة على المدينة.