تسعيرة “الإنقاذ” لشراء القمح تكبد مزارعي إدلب خسائر في المحصول
إدلب – نورث برس
في بلدة بليون بمنطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب، يراقب أيمن الفخر بقلق عمل الحصادة في أرضه التي بدأت منذ ساعات الصباح بحصاد محصوله من القمح، إذ يتوقع أن لا يجني أي أرباح وربما يتكبد خسائر أيضاً.
وبعد انتهاء عملية الحصاد، يزن المزارع الذي يملك نحو 25 دونماً، كمية الإنتاج حيث لم تتجاوز 300 كيلوغرام لكل دونم.
وتكلف “الفخر” زراعة أرضه نحو 3250 دولار أميركي، وفي حال باع محصوله لحكومة “الإنقاذ” سيجني نحو 3178 دولار أي أنه سيخسر نحو 100 دولار وخاصة أن إنتاج أرضه بالكامل بلغ 7500 كيلوغرام.
وفي الرابع من الشهر الجاري، حددت وزارة الاقتصاد والموارد في حكومة الإنقاذ السورية، سعر شراء طن القمح في مناطق سيطرتها بشمال غربي سوريا، بـ 425 دولار أميركي (نحو مليون و755 ألف ليرة سورية).
ولاقت تسعيرة “الإنقاذ” استياءاً بين مزارعي المنطقة الذين اعتبروها أنها لا تتناسب مع التكلفة العالية للزراعة، وهو ما أثار مخاوف الكثير منهم من تكبدهم خسائر هذا العام في ظل قلة كميات الإنتاج نتيجة شح الأمطار.
ويصف “الفخر” تسعيرة شراء القمح بأنها “سيئة جداً” وخاصة أن أجور الحصاد هذا العام تتراوح ما بين 12 إلى 15 دولاراً أميركياً للدونم الواحد بعد أن كانت العام الماضي أقل من 8 دولارات، في ظل انخفاض كمية الإنتاج.
ويضيف: “خرجنا في نهاية الموسم وبعد كل التعب والصعوبات بخسائر، لا أملك أي مهنة أخرى ولا حتى وظيفة لتدبر أمور عائلتي، في حال قمت ببيع المحصول لحكومة الإنقاذ سأواجه مع عائلتي أوضاعاً صعبة في ظل الارتفاع الكبير بالمعيشة”.
ويزيد على ذلك باستياء، “المعيشة باتت صعبة للغاية في هذه الأيام، أنا لا أريد أن أجمع المال وأخزنه، أريد فقط أن أؤمن قوت أطفالي السبعة”.
“التسعيرة الأقل“
وتعد تسعيرة “الإنقاذ” لشراء القمح الأقل مقارنة مع تسعيرة الإدارة الذاتية التي حددت سعر شراء الكيلوغرام الواحد بـ2200 ليرة، بينما الحكومة السورية حددت 1700 ليرة.
ويبدو حال ماهر الحسين (50 عاماً) وهو مزارع من بلدة البارة بجبل الزاوية أفضل من سابقه، إذ تراوح إنتاج أرضه ما بين 300 و3500 كيلوغرام للدونم الواحد.

ويملك “الحسين” 40 دونماً مزروعة بمحصول القمح، وبلغت تكلفة زراعتها نحو خمسة آلاف دولار أميركي وفي حال باع محصول للـ”الإنقاذ” سيجني 5200 دولار، أي أنه سيربح نحو 200 دولار أميركي.
لكن المزارع الخمسيني يجد تلك الأرباح “خسارة” وخاصة أن 200 دولار لن تكفيه قوت عائلته حتى موسم جني المحصول العام القادم.
ويشتكي هو الآخر من ارتفاع أجور الحصاد التي أثرت إلى جانب تسعير شراء “غير متناسبة مع التكاليف”، على أرباحهم، “أجور الحصاد هذه السنة مرتفعة بشكل كبير وبالمقابل إنتاج محاصيل القمح وحبة البركة سيئ للغاية”.
ويرى “الحسين” أن حكومة الإنقاذ “ليس لديها أي اطلاع على أوضاع الزراعة ولم تقم حتى بدراسة هذه التسعيرة”.
ويضيف: “كل ذلك لا يهمها، همها الأول والأخير جمع الأموال بعيداً عن التفكير بحال المزارع الذي ينتظر عاماً كاملاً ما سوف تنتجه هذه الأرض كي يتمكن من إطعام أطفاله”.
ومن وجهة نظر “الحسين” فإن تسعيرة القمح بالمقارنة مع الأوضاع الحاليةـ يجب ألا تقل عن 750 دولار للطن الواحد
حتى تتناسب مع التكلفة العالية.
ارتفاع أسعار المحروقات
ورغم أن أحمد سماق (38 عاماً)، مزارع من بلدة البارة بجبل الزاوية لم يحصد محصوله من القمح حتى الآن، لكنه غير متفائل أن يجني أرباحاً.
ويتفق هو الآخر مع سابقيه أن تسعيرة الشراء كانت “صدمة كبيرة ” بالنسبة له وخاصة أنه لا عمل آخر لديه ولا يمتهن مهنة ثانوية تعينه على تدبر أمور عائلته.
وتكلف “سماق” زراعة الدونم الواحد ما يقارب 120 دولاراً بين أسمدة وأدوية وبذار ويضاف لها 15 دولاراً أجرة الحصاد لكل دونم، “في حال الدونم الواحد لم ينتج 500 كيلوغرام من القمح سأتعرض لخسارة كبيرة بسبب التسعيرة المتدنية للشراء”.
ويتساءل المزارع الثلاثيني عن الأسس التي اعتمدتها “الإنقاذ” لتحديد تسعيرة الشراء، مشيراً إلى أن السياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومة ستساهم في عزوف المزارعين عن زراعة القمح خلال المواسم القادمة.
وفي الوقت الذي يشتكي المزارعون من ارتفاع أجور الحصاد، يرجع أصحاب الحصادات السبب إلى ارتفاع المازوت، حيث ارتفع سعرها إلى ضعف ما كانت عليه العام الفائت.
ويقول حاتم الخالد (35 عاماً) وهو صاحب حصادة في إدلب، إن سعر البرميل وصل هذا العام لأكثر من 190 دولاراً، “لذا فرض علينا رفع أجور الحصاد إذ لا يمكننا العمل بخسارة”.
وفي إدلب، ترفع شركة “وتد للبترول” التابعة لهيئة تحرير الشام أسعار المحروقات بشكل مستمر، وترجع ذلك السبب
الانهيار المتواصل الذي تشهده قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأميركي.
ويشير “الخالد” إلى أنه على المزارعين أن يحاسبوا من يرفع أسعار المحروقات ويطالبوا بدعم المازوت حتى يتم تخفيض أجور الحصاد.