نازحون في تل تمر تركوا منازلهم هرباً من القصف التركي فلاحقهم

تل تمر – نورث برس

أمام باب مُستودعٍ للمستلزمات الزّراعية، على أطراف بلدة تل تمر شمال الحسكة، شمال شرقي سوريا، تنتظر زهرة الحسن، من سكان إحدى قرى البلدة، مصيراً مجهولاً “بعد أن تقطعت بها السّبل”.

وتقول السّيدة التي نزحت من قريتها شيخ علي، جراء القصف التركي، لنورث برس، إنّ حالتهم “صعبة جداً”، فمنذ  أشهر كلما توجهوا إلى مكان لحق بهم القصف.

وتشير إلى أنهم نزحوا لعدة مرات خلال الأشهر القليلة الماضية، إذ توجهوا في البداية إلى قرية تل شنان الآشورية شرقي البلدة، ولكنهم نزحوا منها إلى العراء بعد قصفها، حتى وصلوا إلى هذا المنزل “غير القابل للسكن”، حسب ما تصفه.

وتشهد قرى بلدة تل تمر، التي تحولت إلى خط تماس مع وصول المعارضة المسلحة الموالية لأنقرة إلى تخومها في 2019 عقب دخول سري كانيه وتل أبيض، قصفاً متكرراً ومتصاعداً.

وتشير إحصائيات المجلس المحلي في بلدة تل تمر، إلى أنه ومنذ ذلك الوقت، نزح ما يقارب خمسة آلاف عائلة إلى تل تمر، وحالياً 29 قرية تابعة للبلدة، تحت سيطرة القوات التّركية.

وعلى ما يبدو أنّ هذا المستودع الذي يفتقر لأبسط مقومات الحياة، وتغطيه العائلة نوافذه وأبوابه بـ “حرامات المعونات”، هو المأوى الوحيد لهذه العائلة المؤلفة من 7 أفراد، “أصوات القصف تصلنا، نعيش حالة من الرّعب”.

وتتلمس السيدة الثقوب في جدران المنزل الذي تقطنه والتي ملئتها ببعض الطّين، وهي تتساءل عن مصيرهم، بعد أن دمر منزلها في القرية بقذيفة تركية، والمنطقة التي يسكنونها الآن فرص العمل فيها قليلة ولا منظمات تقدم الدّعم لهم.

ويبلغ عدد قرى تل تمر التي كانت آهلة بالسكان وتحولت لأهداف للمدفعية التركية، 22 قرية، وفق جوان أيوب، الرّئيس المشارك للمجلس المحلي.

وعلى بعد أمتار من موقع وقوف النّازحة، يلهو أطفالها ويتراكضون في بهو المنزل، وتشير  إليهم وتتساءل عن ذنبهم ليتسربوا من مقاعد الدّراسة، ليكتنف مستقبلهم الغموض.

وتحولت 15 مدرسة في بلدة تل تمر، إلى مأوى للنازحين، مما أثر بشكل كبير على القطاع التّعليمي، حسب المجمع التربوي بالبلدة.

ويعيش الآن، في مركز البلدة وأريافها الجنوبية، آلاف النازحين جراء القصف التركي، في أماكن غير صالحة ومؤهلة للسكن كالمدارس والمنازل غير المجهزة، وفق ما رصدته نورث برس.

ويشير الرّئيس المشارك للمجلس المحلي، جوان أيوب، إلى أنّ قرى هؤلاء “كانت آهلة بالسكان، لكن القصف التركي تسبب بكونها الآن شبه خالية، وفقد البعض حياته، وجرح آخرون”.

وغالبية من نزحوا توجهوا إلى مخيم نوروز في ديرك، بأوراق رسيمة، ويقدر عددهم بـ700 و800 عائلة، حسب “أيوب”.

وعلى بعد أمتار من منزل “الحسن”، تسكن الثلاثينية هكشة المحمد، مع أسرتها، بعد أن نزحت من قرية العريشة، التي تسيطر عليها القوات التركية والفصائل الموالية لها.

وتقول “المحمد”، التي تغطي وجهها بوشاح أسود، إنهم نزحوا منذ ثلاث سنوات، ووضعهم الحالي “ينحدر نحو الأسوأ”، فبعد أنّ كانوا يعيشون من تربية المواشي، يعمل أشقائها أعمالاً حرة.

وتضيف: “منزلنا كان ملكنا سابقاً، ولكننا حالياً نستأجر بـ50 ألف ليرة سورية، وتكلفة العيش باتت باهظة، بعد أن تركنا أراضينا ومواشينا خلفنا”.

وبصوت مبحوح ودموع تتوارى تحت جفنيها الذين يحدان عينان محمرتان من شدة الإرهاق، تقول: “دمرتنا الحرب”.

إعداد: دلسوز يوسف . تحرير: رهف يوسف