التهديدات التركية تنذر بخطر تفريغ شمال شرقي سوريا من الآشوريين

القامشلي – نورث برس

تنذر التهديدات التركية بشن عملية عسكرية ضد شمال سوريا، بخطر كبير على المنطقة يتمثل الجزء الأهم منه بتفريغ المنطقة من الآشوريين، بحسب تخوفات سكان قرى في الشمال الشرقي لسوريا.

ويقول الإعلامي الآشوري، سامر حنا، إنّ “تركيا تناهض جميع الأفكار والمذاهب المخالفة لها، لذا تريد إفراغ المنطقة من الآشوريين، وبقية المكونات، ليسهل عليها اجتياح الخط العاشر”.

ويشير “حنا” إلى مظاهر الجفاف في تلك القرى، التي تخلوا أراضيها من المحاصيل، فضلاً عن الكنائس والمدارس المدمرة.

ويذكر الإعلامي أنه ينتمي لعشيرة “نوجيايي”، المؤلفة من 400 عائلة، وهو الوحيد الذي بقي في سوريا.

ويضيف: “عندما نرى قرى كبيرة الحجم فارغة من السّكان، فإن ذلك يؤثر بشكل كبير على شعورنا بالانتماء إلى الأرض”.

وكان عدد الآشوريين في تلك القرى حوالي 40 ألف نسمة في عام 1996، لكن دراسة عام 2011، تقلص عددهم إلى 37 ألف نسمة، وفي 2015، اختطف 242 آشورياً، وقتل 4 منهم، وفي أواخر عام 2018 كان عددهم 765 شخصاً فقط، بحسب تقارير صحفية.

كيف سكن الآشوريين حوض الخابور؟

في عام 1933، ارتكبت الحكومة العراقية بحق الآشوريين الذي كانوا يقطنون في بلاد ما بين الرّافدين بالعراق، مجزرة “سيملي” الشّهيرة، التي ذبح خلالها أكثر من 700 ألف آشوري، في 132 قرية آشورية كلدانية، حسبما قال “حنا” لنورث برس.

وكانت العراق آنذاك تحت الانتداب البريطاني، وعند لجوء الآشوريين إليهم، أرسلوهم إلى سوريا التي كانت تحت الانتداب الفرنسي هي الأخرى.

وفي نفس العام، نصبت أول خيمة للآشوريين في حي الهلالية بمدينة القامشلي، وبعدها بقي الآشوريين على ضفاف نهر الخابور، وكانت قراهم على شكل خيام  أو “كامب” بالإنكليزية، وما يزال الآشوري حتى الآن يستخدم كلمة كامب قبل ذكر اسم قريته، حسب “حنا”.

ويشرح “حنا” أن تلك القرى سميت على أسماء العشائر الآشورية، التي سكنتها كـ”الدزنايي، التياريايي، السربسنايي، النوجيايي وغيرها”، والتي عملت بالزّراعة، فتحولت ضفاف نهر الخابور من موقع ملئ بالأحجار البازلتية إلى مكان يشتهر بالعنب الآشوري والتّين وجودة القمح.

ويذكر: “الشّعب الآشوري معروف بأنه مسالم، إذ كان يستخدم مياه نهر الخابور، لري محاصيله التي كان يعتمد عليها في معيشته، ولكنه بالمقابل تعرض للعديد من المضايقات والتهميش”.

متى بدأ التّهميش بحقهم؟

يرى “حنا” أنّ البداية كانت مع قلة اهتمام الحكومة السّورية بهم، وقطع مياه نهر الخابور عنهم، عبر إنشاء عدة مشاريع على مجراه، عبارة عن عدة آبار، أدت إلى جفافه، وتعريب أسماء قراهم،  ومن هنا بدأت فكرة الهجرة تتبلور في أذهان الآشوريين.

وفي البداية كانت الهجرة بنسب “بسيطة جداً”، أي من كل منزل هاجر شخص واحد على أكبر تقدير، لتأتي الهجمات التّركية وتلعب الدّور الأساسي والأخطر والأكبر على الشّعب الآشوري، حسب “حنا”.

ويقول: “تركيا كانت الدّاعم الأكبر لعدة فصائل مسلحة كـجبهة النّصرة وداعش وغيرها”، ولعل هجوم “داعش” المخيف في 2015، على قرى حوض الخابور هو “ما جعل الآشوريين يفكرون بالهجرة بالآلاف، الأمر الذي كان له دور أساسي بتفريغ المنطقة منهم”.

ولعل الخوف المُترسخ في أذهان الآشوريين، جراء المجازر الكثيرة التي لحقت بهم، أسهم بشكل كبير في تسهيل لجوئهم إلى الهجرة، وفق “حنا”.

ويذكر “حنا” الذي كان يقطن في الرّقة، عندما دخلت فصائل الجيش الحر و”داعش”، أنهم كانوا يتعرضون “للإذلال” على حد تعبيره، عبر وصفهم بـ”عبدة الشياطين”، وإجبارهم على ارتداء الزّي الاسلامي، ومنع الرجال من لباس الألوان الزاهية.

ويضيف: “كانوا في كل أسبوع يسيرون دوريات على منازلنا، للبحث عن أي رمز ديني يخصنا، لإزالته، وكنا ندفع جزية تقدر بـ17 غرام ذهب عن كل دفتر عائلة، لأنهم خيرونا بين الخروج من منازلنا، أو نترك ديننا أو ندفع الجزية، فهاجرت القابلية السّاحقة منها”.

وعندما شددوا الخناق عليهم، كحجز منازلهم وإخراج الأمراء وقرارات بـ”قطع رؤوسهم”، فأجبروا على النّزوح إلى منزلهم بقرية تل فيضة على نهر الخابور، كما يقول “حنا”.

هل الآشوريون تحت مرمى الاستهداف؟

ومن جانب آخر يرى “حنا” أنّ تركيا لا تستهدف الآشوريين فقط في المنطقة، ولكن نظراً لما تعرضوا له في وقت سابق تفاقم لديهم الشّعور بأن “هناك شيء موجه لهم”، ولا سيما مع تسهيل تهجير الاشوريين في المنطقة.

وتصعد الدّولة التّركية من هجماتها على القرى الواقعة على خطوط التّماس في تل تمر، منذ أكثر من شهر، ولا سيما قرية تل طويل الآشورية التي استهدفت لأكثر من مرة، وفق ما تابعته نورث برس.

وخطورة التهديد الأخير تكمن “في أن تركيا لا تستطيع تصور وجود شعوب لها حضارات قديمة تاريخية في المنطقة، لذا فإن عدائها اتجاه الشّعب الآشوري مغروس في جذور التّاريخ، حسب “حنا”. 

إعداد وتحرير: رهف يوسف