القصف التركي لشمالي الحسكة يشلُّ سيارات الأجرة ويفاقم الوضع المعيشي لأصحابها

تل تمر – نورث برس

تحت أشعة الشمس الحارقة، يقف محمود الظاهر (62 عاماً) أمام سيارته من نوع كيا وهو يسترق النظرات للمارة في الموقف المخصص لسيارات الأجرة ضمن بلدة تل تمر، 35 كم شمالي الحسكة، وكله آمل أن يحصل على سفرة عمل يجني منها قوت لعائلته.

ولليوم الرابع على التوالي لم يستطع الرجل، الذهاب في سفرة عمل بسيارته بعدما شل القصف التركي المتصاعد في الآونة الأخيرة على قرى تل تمر، حركة العمل ونزوح سكان من منازلهم والخوف من سلك طرق باتت “كابوساً” لهم.

ويقول “الظاهر” بينما يرتدي الثوب العربي التقليدي ويضع كوفية سوداء وشماغاً على رأسه، “هناك جمود في حركة العمل بسبب القصف التركي على المنطقة، مما أدى إلى انقطاع الكثير من الطرق التي كنا نستفيد منها”.

ومنذ أواخر 2019، باتت تل تمر الحد الفاصل بين قوات سوريا الديمقراطية والقوات الحكومية المنتشرة على خطوط التماس من جهة، وبين القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها من جهة أخرى وذلك بعد سيطرة الأخيرة على منطقتي سري كانيه وتل أبيض ووصولها إلى مشارف البلدة الصغيرة.

وتشهد أرياف تل تمر، إلى جانب منطقة زركان (أبو راسين) المجاورة، وبلدات عين عيسى شمال الرقة، ومناطق توزع نازحي عفرين بريف حلب الشمالي، تصعيداً عسكرياً من قبل القوات التركية وفصائل موالية لها.

وأدى التصعيد العسكري الأخير إلى نزوح كبير للسكان من قراهم ودمار في البنى التحتية وشل حركة المرور على الطرقات في المنطقة.

“حركة العمل معدومة”

ويصف “الظاهر” وهو أب لتسعة أولاد حركة العمل بـ “المعدومة. نخاف كثيراً من سلك الطرقات بسبب القصف”.

ومؤخراً، صعدت القوات التركية، من قصفها المدفعي لخطوط التماس في بلدة تل تمر وأبو راسين شمال الحسكة المشمولتين باتفاقية وقف إطلاق النار، التي وقعتها أنقرة مع موسكو وواشنطن في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019.

ويحدث ذلك بالتزامن مع تجديد أنقرة لتهديداتها بشن عملية عسكرية في الشمال السوري.

وفي موقف السيارات ذاته، يجلس عبدالغني خلف وهو نازح من منطقة سري كانيه إلى ريف تل تمر، داخل سيارته بانتظار مسافر يكسر حالة الجمود التي تسود حركة النقل.

ويقول الرجل الأربعيني إن القصف التركي أثر على حركة عملهم كثيراً، “نأتي كل يوم صباحاً نركن سيارتنا في الموقف من الصباح للمساء وبعدها نذهب للمنزل، فلا يوجد عمل”.

وبحسب سكان في ريف البلدة، فإن حركة ذهابهم إلى البلدة تقلصت كثيراً خوفاً من القصف، الأمر الذي أثر سلباً على حركة المواصلات التي تعتمد بالدرجة الرئيسية على سكان الريف، نظراً لافتقار خطوط الأرياف ما عدا الشمالية، إلى خطوط نقل عمومية.

ويشير “خلف” إلى أن أصوات القصف من ساعات الصباح تدوي بالمنطقة، “لم أكن أنوي المجيء إلى العمل اليوم، لكن الظروف المعيشية الصعبة دفعتني للمجيء لعلي أجد سفرة أجني منها قوت عائلتي”.

“وضع مأساوي”

والسبت الماضي، أصيب ستة من عناصر قوات الحكومة السورية، جراء قصف تركي بقذائف صاروخية على قرية أم الكيف غربي تل تمر.

وأسفر القصف عن انقطاع التّيار الكهربائي، جراء تضرر خطوط الكهرباء المغذية لمحطة التحويل شمال البلدة.

وسبق ذلك القصف بيومين، قصف آخر استهدف قرية أم حرملة التّابعة لأبو راسين، أسفر عن إصابة الطفل مرتضى يوسف (14  عاماً) بجروح.

وعلى بعد أمتار قليلة من “خلف”، ينتظر عزيز قادو، بدوره، داخل سيارته من الفئة الصغيرة، على غرار أقرانه من السائقين، مسافراً يكسب خلاله مصروف عائلته اليومي.

ويعتمد “قادو” الذي ينحدر من مدينة سري كانيه ويقطن في قرية أشورية جنوب تل تمر حالياً، في معيشته على ما يكسبه من عمله على سيارته الصغيرة، إلا أن ضعف العمل سبب له صعوبات معيشية.

ويشير السائق الخمسيني وهو رب أسرة مؤلفة من ستة أفراد، إلى أن بقاء حركة العمل بهذه الشاكلة من شأنه أن يودي بوضعه المعيشي نحو الأسوأ.

ويضيف “قادو” الذي احمر وجهه بسبب ارتفاع درجة الحرارة في ساعات الذروة، “سابقاً كانت حركة العمل جيدة وكنا نستطيع أن نعيل أسرنا، لكن حالياً ضعيفة وبات الوضع مأساوياً”.

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: سوزدار محمد