مخاوف من موجة نزوح في تل رفعت بسبب التهديدات التركية

ريف حلب الشمالي – نورث برس

مع أصوات القذائف التركية وارتفاع حدة القصف على بلدة تل رفعت وقرى أخرى في ريف حلب الشمالي مؤخراً، بالتزامن مع تهديدات بشن عملية عسكرية، تتخوف هاجر عرابو (47 عاماً)، من نزوح جديد لا تدري، كما المرة الماضية، أين سينتهي بها الأمر.

وهي تضرب كفاً بآخر وتنظر إلى أطفال، تشير “عرابو” إلى أنّها تتحير في المكان الذي ستلجأ إليه في حال نفذت تركيا عمليتها العسكرية التي تلوح بها.

وتتساءل النازحة من قرية سعرينجك التّابعة لناحية شران بريف عفرين، “إلى أين سنهرب، لا ملجأ لنا، أخدوا عفرين وأرزاقنا وأملاكنا، ماذا يريدون منا أيضاً؟”.

والأربعاء الماضي، جدد الرّئيس التركي رجب طيب أردوغان، تهديداته بشن عملية عسكرية على مدينتي منبج وتل رفعت السّوريتين اللتين تضمان نازحين وخاصة من منطقة عفرين.

ويسود قلق بين السكان والنازحين في تل رفعت، بسبب التهديدات الجديدة لتركيا وفصائل مسلحة موالية لها في المنطقة.

وفي منزل تفتقر بعض غرفه للنوافذ والأبواب، وسط تل رفعت، تسكن السيدة الأرملة رفقة أولادها الخمسة، بعد أنّ اضطرت لترك منزلها أثناء العملية العسكرية التركية على عفرين في 2018.

تقول “عرابو” إن والدها يعاني من الديسك وأصيب بجلطة قلبية وانهيار عصبي، بينما والدتها أصيبت بجلطة دماغية، مما أدى لحدوث شلل نصفي، كما أن طفل ولدها يعاني من خلع ولادة.

وتضيف بلهجة عامية، “كرهنا عيشتنا، بس بدنا رحمة الله تنزل علينا، نخشى أن يلعب الأطفال في الشارع خوفاً من القصف”.

“مأوانا الوحيد”

وتتوزع 16 ألف عائلة نازحة من عفرين على 42 قرية وبلدة في ريف حلب الشّمالي، بالإضافة عن 1870 عائلة بـ 7500 فرداً يسكنون في المخيمات الخمسة “برخودان، وسردم، وعفرين، العودة، الشّهباء”، حسب هيئة الشّؤون الاجتماعية والعمل في إقليم عفرين والعاملة حالياً بريف حلب الشمالي.

وفي تل رفعت وحدها، تسكن 3692 عائلة من نازحي عفرين، بعدد أفراد يصل إلى 14783 شخصاً.

 بالإضافة لوجود 630 عائلة من سكان تل رفعت الأصليين، ويصل عدد أفرادها إلى 3 آلاف فرد، وفق مجلسي عفرين والشهباء في البلدة.

وفي السابع من الشهر الماضي، استهدفت طائرة دورن انتحارية تّركية، منزلاً بالقرب من ملعب الأطفال في تل رفعت، مسببة أضراراً في المنزل الذي يسكنه نازح من عفرين.

وتكثف القوات التّركية من قصفها لقرى ريف حلب الشّمالي، منذ مطلع الشهر الماضي، إذ تستهدفها بشكل شبه يومي تقريباً.

لا تختلف مخاوف محمد رشيد (55 عاماً) وهو نازح من قرية خضرليا التّابعة لبلبل بريف عفرين عن مخاوف نازحي منطقته، فأي عملية عسكرية أخرى قد تفقده أمل العودة لمنزله.

يقول الرجل الذي يسكن في تل رفعت، “نفس الشّعور والذّكريات تعيدها إلينا تركيا كلما هددت بعملية عسكرية جديدة، ولا سيما أنّ تل رفعت تحولت لمأوانا الوحيد”.

“سوري معرض للبيع والشراء”

ويشبه الرّجل ما تقول تركيا بأنه “منطقة آمنة بعمق 30 كيلو متر على حدودها” بـ “إنشاء حزام أسود من المرتزقة” لتوطينهم بدل السّكان الأصليين وتغيير في ديمغرافية المنطقة.

وفي عام 2013، نزح الرجل مع أسرته، إبان سيطرة “الجيش الحر” على حلب، باتجاه عفرين، ليتركها أيضاً إلى تل رفعت أثناء الهجوم التركي على عفرين.

وتكمل زوجة الرّجل فاطمة عبدو (54 عاماً)، الحديث عنه، بعد أنّ خنقته العبرة فبات غير قادر على التّعبير، “حرمنا من منزلنا في الشيخ مقصود بعدما تدمر بالكامل بسبب الحرب”.

وفي شباط/ فبراير 2018، دمرت طائرة حربية تركية منزل عائلة “رشيد”، وحولته إلى ركام خلال ثوانٍ، بعد أنّ أعادوا لملمة شتاتهم في عفرين، وفقاً للزوجة.

وما يفاقم من معاناتهم سوءاً أنّ أحد أبنائهم وهو لقمان (16 عاماً)، يعاني من اختلاج، وبحاجة ماسة إلى الدّواء.

ويتمنى “رشيد” الذي يتوقع تهجيراً آخر بعد أن أصيب بالجلطة مرتين عقب النّزوح، أنّ لا تسمح الدّول العظمى لتركيا، بشن عملية عسكرية والتّوغل في الأراضي السورية.

ولا يستبعد محمد مامو (44 عاماً)، من سكان قرية أم الكيف بريف حلب الشمالي من شن تركيا عملية عسكرية ضد المنطقة، “فهناك صفقات والشعب السوري معرض للبيع والشراء”.

ويطالب “مامو” روسيا ومنظمات حقوق الإنسان والحكومة السورية بمنع تركيا من “احتلال أجزاء أخرى من سوريا”.

ويشدد على ضرورة “وقوف الحكومة السورية هذه المرة مع شعبها وعدم التزام الصمت كما فعلت أثناء احتلال عفرين وسري كانيه وتل أبيض، لكي لا تكون مصير الأجزاء المحتلة مصير  لواء اسكندرون”.

إعداد: فايا ميلاد –  تحرير: رهف يوسف