مع بدء حصاد القمح في ريف الحسكة.. تدني الإنتاج وأرباح “ضئيلة جداً”

الحسكة – نورث برس

في قرية الصلالية، نحو 10 كم إلى الشرق من مدينة الحسكة، يراقب صالح عليان الحصادة التي تجني محصوله من القمح ولكنه غير متفائل من أن يجني أرباحاً “جيدة” في ظل قلة إنتاج أرضه.

50  دونماً هي المساحة التي زرعها “عليان” بالقمح المروي، وصرف نحو أربعة ملايين ليرة سورية لشراء المحروقات من السوق السوداء، إذ أن الكمية التي استلمها من الإدارة الذاتية والتي كلفته نحو 400 ألف ليرة لم تكفِ للري، إضافة لتأخرها.

أما البذار فاشتراها أيضاً بأربعة ملايين ليرة من الأسواق، فضلاً عن تكلفة الحراثة التي بلغت نحو مليون و250 ألف ليرة، حيث بلغت حراثة كل دونم 25 ألف ليرة، فيما وصلت تكلفة إصلاح الأعطال التي أصابت المحرك الزراعي نحو أربعة ملايين أيضاً.

لم ينسَ المزارع أجور الحصادة التي تصل لنحو 25 ألف ليرة لكل واحد دونم، بينما كان يعدد لنورث برس التكاليف، ناهيك عن كمية البذار “القليلة” التي حصل عليها من الإدارة الذاتية وشراء الأكياس وأجور النقل وقدرها بنحو مليون ليرة.

وعلى الآلة الحاسبة في تلفونه النقال يحسب “عليان” كل هذه التكاليف وتقدر بنحو 16 مليون ليرة سورية، وفي حال  أنتجت أرضه 150 كغ من القمح لكل دونم فإن كمية إنتاج كامل أرضه تبلغ 7500 كغ.

وستبلغ قيمة إنتاج المزارع بحسب السعر الذي حددته الإدارة الذاتية 2200 لكل كيلوغرام، 16 مليون ونصف المليون،  أي أن “عليان” سيجني 500 ألف ليرة سورية وقد لا يجني شيئاً في حال كانت جودة إنتاجه من الدرجة الثانية والثالثة.

زراعة خاسرة

وقبل أيام، بدأ موسم حصاد القمح المروي في مختلف مناطق إقليم الجزيرة، كان قد سبقه حصاد الشعير للمساحات المروية، مع تدني إنتاج الأراضي مقارنة مع السنوات السابقة.

وبحسب مزارعين في المنطقة، فإن إنتاج الأراضي المزروعة بالقمح المروي يتراوح ما بين 150 و200 كيلوغرام لكل واحد دونم.

ولجأ غالبية مزارعي محصولي القمح والشعير البعلي في مختلف مناطق الجزيرة وخاصة بأرياف الحسكة الشمالي والشرقي والجنوبي لتضمين أراضيهم لمربي ماشية بسبب عدم نمو المحصول نتيجة قلة الأمطار.

أما المحاصيل البعلية في المناطق الشمالية الحدودية يتم حصادها مع تدني الإنتاج بشكل عام.

وبحساب التكاليف التي تكلفها مختلف المزارعين بالمقارنة مع الإنتاج فإن الأرباح ستكون “ضئيلة جداً”، مع بيع التبن وضمان ما تبقى من المحصول في الأرض.

وساهم تأخر توزيع الإدارة الذاتية للمحروقات وقلة الكميات وعدم استلام بعض المزارعين لكامل المخصصات، إلى جانب تأخر توزيع البذار وكمياتها القليلة مع عدم حصول قسم منهم على البذار، بتخفيض أرباح المزارعين، إذا اضطر غالبيتهم لشراء مستلزمات الزراعة من الأسواق.

وأمام هذا الوضع، وفي حال لم تدعم الإدارة الذاتية الزراعة خلال الموسم القادم بالشكل الكافي، يؤكد مزارعون في أرياف الحسكة أنهم لن يغامروا بزراعة أراضيهم الموسم القادم، لأنها باتت “خاسرة”.

لا تسويق

حال المزارع علي الصلال، من قرية معروف شرق الحسكة لم يكن أفضل من أحوال باقي أقرانه،  حيث زرع 60 دونم من القمح ولكنه لم يحصل على البذار “لانتهاء الكمية في مؤسسة إكثار البذار التابعة للإدارة الذاتية في الحسكة”.

اشترى البذار من السوق الحرة بمبلغ 2.2 مليون لكل واحد طن، وبلغت تكلفة البذار فقط نحو 9 مليون حيث اشترى نحو 4 أطنان.

حراثة الأرض كلفته نحو مليون ونصف، ونتيجة تأخر حصوله على المحروقات اشترى “الصلال”،  17 برميل من المازوت من السوق وكلفته ذلك نحو 3.1 مليون ليرة سورية، كما اشترى مبيدات حشرية بنحو 700 ألف ليرة سورية، بالإضافة لأجرة الحصاد وأسعار الأكياس وتكاليف النقل والتسويق.

“وإذا ما تم حساب مجموع التكاليف بالمقارنة مع الإنتاج فنحن خسرانين”، يقول “الصلال”.

وفي قرية قبر خليف شمال الحسكة، لا ينوي أحمد معروف بيع محصوله لا للإدارة الذاتية ولا للحكومة السورية، وسيخصص نحو 25 كيس من إنتاج القمح لتحويله إلى طحين واستخدامه لصناعة الخبز في المنزل.

فيما سيقوم بتخزين 35 كيساً ليكون بذاراً له خلال الموسم القادم، “فلن يكون هناك كمية فائضة لأقوم بتسويقها لمراكز استلام الحبوب”.

زرع “معروف” خلال هذا الموسم، 75 دونماً من القمح، واشترى ثلاث أطنان من البذار من السوق الحرة بمبلغ 4.5 مليون ليرة، إضافة لشراء المحروقات لأنه لم يستلم سوى نصف مخصصاته من المادة من الإدارة الذاتية.

يضاف إليها حراثة الأرض وأجرة الحصاد وشراء الأكياس أيضاً.

مساحات الزراعة تتقلص

ووفقاً لمزارعين فإن المنطقة الشمالية والشرقية من الحسكة وخاصة مساحة الأراضي المروية في تقلص مستمر.

وخلال السنوات الماضية، كان “معروف” يزرع ما بين 100 إلى 150 دونماً من محصول القمح، “لكن من عامين قلص المساحات المزروعة نظراً لارتفاع التكاليف وقلة الأرباح”.

ويضيف أنه في حال استمر الوضع على ما هو عليه، فقد يقوم بزراعة 50 دونماً خلال الموسم القادم أو يؤجر أرضه لأحد المزارعين بمبالغ تصل لأكثر من 100 ألف ليرة لكل واحد دونم.

ويجد موسى حميد، مزارع من قرية السليمانية بريف الحسكة الشمالي، أن تسعيرة الإدارة الذاتية والحكومة السورية لشراء القمح “غير مقبولة لأن المرابح ضئيلة جداً”.

وزرع “حميد” الموسم الماضي، 60 دونماً من القمح المروي وكلفه ذلك نحو 15 مليون ليرة، فيما إنتاج أرضه يتراوح ما بين 150 و180 كيلوغرام لكل دونم.

يقول متحسراً على وضع الجزيرة السورية التي كانت سلة سوريا الغذائية، “بتنا نجني أرباحاً لا تكفي عائلتنا لشهر واحد فقط”.

إعداد: جيندار عبدالقادر – تحرير: سوزدار محمد