الإصرار على العودة.. مطلب عراقيين في الهول خوفاً من القتل
مخيم الهول – نورث برس
مع كلمة جريمة قتل تحدث في مخيم الهول، شرقي الحسكة تزداد مطالب اللاجئين العراقيون للإسراع في إعادتهم إلى بلدهم، وذلك قبل أن يلقوا حتفهم في المخيم على يد خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وينتقد هؤلاء، بطء الحكومة العراقية في استعادة رعاياها، رغم أنها أعلنت في أكثر من مناسبة حرصها على إعادتهم جمعياً، “المنتمون للتنظيم سيكون هناك مؤسسات أمنية وقضائية تتولى أمورهم. أما بالنسبة للآخرين الذين لم يثبت لديهم مشاكل أمنية أو ارتباط بالتنظيم، سيتم وعبر آلية معينة إعادتهم إلى مناطقهم”.
ويضم مخيم الهول الواقع على بعد 45 كيلومتراً شرق مدينة الحسكة، 56.561 شخصاً ويشكل اللاجئون العراقيون غالبيتهم، إلى جانب الآلاف من النازحين السوريين غالبيتهم من مناطق غرب الفرات الخاضعة لسيطرة قوات الحكومة السورية والفصائل الموالية لإيران.

بينما يسكن الآلاف من زوجات وأطفال عناصر ومعتقلي “داعش” الأجانب في قسم خاص ضمن المخيم.
ويشهد هذا المخيم، تزايداً في جرائم القتل وغالباً ما تستهدف العراقيين، حيث سجل منذ بداية العام الجاري، حوالي 18 جريمة قتل، استهدفت 9 سوريين بينهم موظف في الهلال الأحمر الكردي و9 عراقيين، وغالبيتها تمت بواسطة أسلحة نارية، بحسب مصدر أمني في المخيم.
وخلال العام الماضي، سجل المخيم 93 حالة قتل غالبية ضحاياها لاجئين عراقيون، لتكون الحصيلة الأعلى التي تسجل خلال عام واحد منذ إنشاء المخيم.
وطالب لاجئ عراقي في العقد الثالث من العمر فضل عدم نشر اسمه، الوفد العراقي الذي زار المخيم قبل فترة “بالإسراع في إعادتنا إلى وطننا الذي يتوفر فيه الأمان على عكس ما هو في المخيم”.
وأضاف، بينما كان يغطي وجهه بوشاح خوفاً من معرفة هويته من قبل خلايا التنظيم التي تعمل على استهداف كل من يدلي بتصاريح لوسائل الإعلام، “أوضاعنا سيئة هنا للغاية من جميع النواحي”.
“نريد العودة”
وفي آذار/ مارس الماضي، زار وفد عراقي، مناطق شمال شرقي سوريا بهدف إعادة المزيد من اللاجئين العراقيين الموجودين في مخيم الهول.
وبعد نحو ثلاثة أسابيع من تلك الزيارة، أشار علي عباس المتحدث باسم وزارة الهجرة العراقية، في تصريح لنورث برس إلى إمكانية نقل 500 عائلة من المخيم إلى البلاد.
لكن حتى الآن لم يتم التوصل إلى الإجراء النهائي بسبب تأثير التغير الوزاري على سير العمل.
وفي تلك الفترة، تم تكليف وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي، بمهام وزارة الهجرة والمهجرين بعد أن أصبحت الوزيرة السابقة إيفان جابرو، عضو في مجلس النواب العراقي، وبموجب القانون لا يحق للنائب الاستمرار في منصبه الحكومي.
ورغم تشديد “عباس” على حرص العراق على إعادة كل رعاياه من المخيم، إلا أن نائب الرئاسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا فنر الكعيط قال لنورث برس إن الإجراءات “البيروقراطية” ولأسباب تتعلق بالداخل العراقي، أخرت عملية نقل العراقيين حتى الآن.
وعند سؤاله عن الأوضاع الأمنية في المخيم، تهرب اللاجئ العراقي من الجواب، واكتفى بالقول بلهجته، “هي الشغلة ما أعرفها، نريد العودة على العراق، العالم هينا مظلومة”.
والاثنين الماضي، عثرت قوى الأمن الداخلي (الأسايش)، على جثة امرأة مقطوعة الرّأس، مرمية في وادي بين القطاعين الثّاني المخصص للاجئين العراقيين والثّالث في المخيم.
وخلال عامي 2019-2020، توقفت الحكومة العراقية عن استقبال رعاياها في مخيم الهول وسط ضغوطات وجهاء عشائر عراقية اتهموا هؤلاء العائدين بأنهم “دواعش”، بحسب لاجئين.
وبعد ضغوطات من قبل التحالف الدولي وتنسيق بين الإدارة الذاتية والحكومة العراقية، تم إعادة تسيير رحلات العودة للعراقيين خلال العام 2021.
ومنذ منتصف العام 2021 تم تسيير ثلاث رحلات ضمت 335 عائلة بعدد 1375 فرداً، بحسب مكتب شؤون النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتية.
“استجابة بطيئة جداً”
وتوسلت لاجئة عراقية تنحدر من منطقة الأعظمية في العاصمة العراقية بغداد، لحكومة بلادها “بالرأفة بحالنا وإعادتنا لبلادنا”.
وأضافت المرأة التي كانت تلبس لباساً أسوداً لا يظهر منها سوى عينيها، “مع قدوم الليل نستودع أنفسنا لرب العالمين، نعيش في رعب فظيع، نتمنى من الجهات التي ترانا أن يرحموا حالنا ويعيدونا”.
وعبرت اللاجئة العراقية عن مخاوفها من عمليات القتل وخاصة أنها تستهدف أطفالاً ونساء، دون أن يتم ضبطها.
وكانت هذه المرأة قد وصلت إلى المخيم، بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بالتعاون مع قوات التحالف الدولي على آخر جيوب التنظيم، في بلدة الباغوز شرقي دير الزور في آذار/ مارس 2019.
وتعيش اللاجئة برفقة حفيدها فقط بعد مقتل والده وترك والدته له في خيمة في القطاع الخاص بالعراقيين وهو ما يزيد من مخاوفها من تعرضها للقتل.

وقال شيخموس أحمد، رئيس مكتب شؤون اللاجئين والنازحين والمهجرين في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إنه كان هناك خطة لاستعادة نحو خمسة آلاف عراقي من مخيم الهول.
ولكن “استجابة الحكومة العراقية كانت بطيئة جداً ولم يتم استعادة إلا مئات العراقيين”، بحسب “أحمد”.
وأرجع المسؤول سبب هذا البطء إلى “الخلافات الحاصلة في الجانب العراقي ورفض قوى مسلحة وبعض شيوخ العشائر إعادة العراقيين في مخيم الهول والتهديد بالتعرض لهم”.
وكانت نبرة اللاجئة عراقية التي تنحدر من محافظة صلاح الدين أكثر حدة أثناء حديثها عن أوضاعها في المخيم، “لا ترى سوى خوف ورعب وجوع وتعب وقهر، لا ندع أطفالنا يخرجون من المخيم خوفاً من خطفهم أو قتلهم”.
وأضافت، وهي تسكن في القطاع الثالث في المخيم، “نريد حكومتنا تخلصنا من هالوضع، في الليل أسهر على حراسة عائلتي وهم نيام”.