مجرى الصرف الصحي لمدينة السويداء يتسبب بأضرار زراعية وبيئية

السويداء- نورث برس

منذ نحو أربع سنوات، أوقف سامر طرابيه (39 عاماً) وهو مزارع يمتلك أرضاً بالقرب من مجرى مياه الصرف الصحي، غربي السويداء، استثمار أرضه والعناية بها بسبب تحولها لمستنقع.

يقول المزارع وهو من سكان مدينة السويداء، إن مياه الصرف الصحي تتحول عن مجراها أحياناً وتملئ الطريق وتدخل إلى أرضه، حيث “ساهمت في نمو أعشاب حول الأشجار إضافة للروائح الكريهة التي تفوح بسببها”.

ومنذ بدء تمديد شبكات الصرف الصحي في مدينة السويداء في فترة الثمانينات، اعتمدت الجهات المعنية في المحافظة، توجيه تلك المياه إلى غرب المدينة باتجاه وادي قديم جاف يمتد من مدينة السويداء إلى بلدة الأصلحة التي تبعد قرابة الـ 25 كيلومتر عن مركز المدينة.

ولكن مع التزايد السكاني في المدينة، أصبحت المياه الآسنة تشكل مجرى يشبه الجدول مع وضع عبّارات لتمريرها بشكل مرن تحت الجسور والطرقات.

وتتفرع المياه حين تخرج من الوادي وتدخل الكثير من الأراضي المجاورة والبساتين المزروعة بأشجار الزيتون خاصة في فصل الشتاء.

وتتسبب مياه الصرف الصحي المكشوفة بأضرار بيئية على المنظومة الطبيعية في تلك المنطقة، حيث تنمو الأعشاب الطفيلية الضارة حول الأشجار والمزروعات، إضافة لتكاثر الحشرات الضارة الناقلة للأمراض النباتية.

ويشتكي مزارعو أراضي مجاورة من مجرى الصرف الصحي وجميعهم من سكان المدينة، من استمرار الحال على هذا المنوال منذ سنوات، دون حلول.

وحاولت نورث برس التواصل مع موظفين اثنين في مديرية البيئة في السويداء حول هذه المشكلة وإمكانية توفر حلول لها أم لا، لكن الاثنين رفضا التصريح دون توضيح الأسباب.

وعلى بعد واحد كيلومتر فقط من المجرى، يملك فداء حاتم وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة السويداء، مزرعة لتربية الأغنام ولكنه هو الآخر يشتكي من انتشار الحشرات بشكل كبير في المنطقة.

ويتكبد “حاتم” مصاريف لشراء مبيدات مكافحة الحشرات، “لكن دون جدوى في ظل الانتشار الكبير لها”.

ويقول بلهجته المحلية: “هلكنا من الرش والتعقيم وشوف الضفادع والذبان والبرغش”.

ويجد “حاتم” نفسه مجبراً على تحمل هذه الحال وخاصة أنه لا يملك أرضاً أخرى لنقل أغنامه إليها.

ويلاحظ في منطقة جريان مياه الصرف الصحي، وجود مساكن يعيش فيها رعاة أغنام مع عائلاتهم، في ظل انتشار الذباب والبعوض والضفادع.

لكن في المقابل، يحاول آخرون الاستفادة من تلك المياه، حيث يقوم بعض المزارعين بري مزروعاتهم بتلك المياه عبر جرها إلى أراضيهم إما بقساطل بلاستيكية أو من خلال فتح مجرى صغير لتمر المياه من خلاله إلى الأراضي.

ويعد محصول الشعير والذرة العلفية والقمح والخضار الصيفية أبرز تلك الزراعات التي تسقى من تلك المياه.

ويؤكد هيثم مزهر وهو اسم مستعار لمزارع يروي محصوله من الشعير بمياه الصرف الصحي، أن إنتاج أرضه يستخدمه كأعلاف للحيوانات فقط.

ويشير إلى أنه لجأ إلى هذه الطريقة بعد “تأكيد مختصين” له أن الشعير لا يتأثر بهذه المياه.

ولكن طبيباً مختصاً بأمراض الدم، يعمل في مشفى حكومي في ريف دمشق ويملك عيادة في مدينة جرمانا بريفها الشرقي يشير لنورث برس إلى أن مياه الصرف الصحي تحوي الكثير من المواد الكيميائية (منظفات- أدوية، مخلفات المعامل وورش صناعة البطاريات والدهانات).

وهذه المواد تدخل إلى الثمار ومنتجات الحبوب المروية بمياه الصرف، مما يسبب أمراضاً مثل السرطان وأخرى في الجهاز الهضمي (إلتهاب- جراثيم معوية)، إضافة لكونها بيئة مثالية لنقل الأمراض عبر الحشرات وبيوضها، بحسب الطبيب الذي ينحدر من السويداء.

إعداد: عمر الزين- تحرير: سوزدار محمد