ساحة إعدامات “داعش” جنوب الحسكة لا تزال حاضرة في ذاكرة سكانها
الشدادي- نورث برس
لا يزالمحمد سليمان (30 عاماً)، من سكان مدينة الشدادي، جنوب الحسكة، يتذكر جيداً ما أُجبر على مشاهدته أمام ساحة مقر البلدية القديم التي كانت يوماً مكاناً لتنفيذ الإعدامات.
يروي الرجل لنورث برس تفاصيل ما حدث، كان متواجداً في السوق لشراء بعض الأغراض حينما عمد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لجمع من كان متواجداً هناك بالقوة في تلك الساحة وبلغ عددهم نحو 200 شخص وكان هو من بينهم.
وحين تجمهر السكان في الساحة وكان ذلك بعد نحو شهر من سيطرة التنظيم على الشدادي، قام عناصره بالانتشار حولهم وأحضروا شاباً في الثلاثين من العمر، مغمض العينين ووضعوه وسط الساحة وأطلقوا عليه الرصاص الحي وسط صيحات “الله أكبر” التي جرت عادة التنظيم في ترديدها.
يقول الرجل مستحضراً تلك اللحظات، “شعرت حينها بشعور لا يوصف نتيجة الخوف والرعب من وحشية المنظر”.
منذ ذلك الوقت وحتى طرد التنظيم من المدينة، تجنب “سليمان” المرور من ذلك المكان، “كانت رائحة الموت تفوح منها كل يوم”.
وفي شباط/ فبراير 2013، خرجت مدينة الشدادي عن سيطرة الحكومة السورية، بعد معارك خاضتها قواتها مع فصائل المعارضة المسلحة وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، دُمرت خلالها البنية التحتية للمدينة ونُهبت الدوائر الحكومية.
وبعد عام من سيطرة المعارضة المسلحة عليها، شنّ “داعش” هجوماً عنيفاً عليها ودارت بينهما معارك طاحنة دامت لأيام سيطر بعدها التنظيم على المدينة.
وفي 2016، تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من طرد تنظيم الدولة الإسلامية من الشدادي.

مكان مرعب
وطيلة فترة سيطرته على الشدادي، اتخذ “داعش” من ساحة مركز البلدية القديم مكاناً “لتنفيذ حكم الإعدامات المتمثلة بقطع الرؤوس أو إطلاق النار، بالإضافة لقطع أطراف السارقين وعمليات الصلب على الأعمدة بحق من يتهمهم بالكفر والردة”.
وكان التنظيم يتخذ من مركز البلدية حينها مقراً له تحت مسمى “المحكمة الإسلامية”.
ووصفت تلك الساحة من قبل سكان بأنها كانت من أكثر الأماكن رعباً في الشدادي، وذلك نظراً “لوحشية” المناظر والجثث المعلقة صلباً على أعمدة الكهرباء.
وتحول مركز “المحكمة الإسلامية” بعد طرد “داعش” إلى مركز لقوات حماية الجوهرية (متطوعون يعملون بجانب القوات العسكرية في الحالات الطارئة)، ويجاروه حديقة خاصة بمؤسسات المجلس المدني ويقام فيها أمسيات شعرية واحتفالات.
ووفقاً لسكان في الشدادي فإن التنظيم كان يعمد لتنفيذ عمليات القصاص والإعدامات الميدانية علناً في الساحات، وذلك بهدف زرع الخوف والرعب وتنبيه السكان لما سيحل بكل من يحمل السلاح في وجه التنظيم أو يخرج عن عباءته.
وكان يجبر السكان المتواجدين في الأسواق على التجمع لرؤية تلك العمليات، دون الاكتراث لوجود الأطفال بين الجموع.
مشاهد لم تنسَ
ووسط الشارع العام في الشدادي، كان التنظيم يعرض المعارك التي كان يخوضها مع قوات الجيش العراقي والحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، من خلال شاشة عرض تلفزيونية كبيرة.
وكثيراً ما كان السكان يصحون على مشاهد الرؤوس المعلقة في الساحة، أو أشخاص تم تعليقهم على أعمدة الكهرباء وغالباً ما كان يتم وضع ورقة على أجسادهم توضح التهم المنسوبة إليهم.
وذات يوم، مرَّ عبد الموسى (38 عاماً) من جانب الساحة، فشاهد شاباً مقتولاً ومعلقاً على عامود للكهرباء.
يقول الرجل مستذكراً تلك اللحظات، “حينها وقفت مذهولاً في حالة من الخوف والرعب من شدة قساوة المنظر، كان هذا من أقسى المناظر التي شاهدتها في حياتي”.
ويشير إلى أنه كان هناك ورقة صغيرة فوق رأس الشاب مكتوب فيها “قاتل”.
وبعد تلك الحادثة، كان “الموسى” يحاول قدر الإمكان عدم السماح لزوجته وأطفاله بالخروج من المنزل إلى الأسواق وذلك “حتى لا يشاهدوا جرائم داعش والمناظر المرعبة”.
ويضيف الرجل: “تلك المشاهد التي كنت شاهداً عليها أحياناً، ما تزال محفورة في ذاكرتي حتى هذه اللحظة”.