ملف المعتقلين ومجزرة التضامن.. هل لازالا حاضرين في أروقة المعارضة السورية؟
إدلب- نورث برس
أتاح العفو الرئاسي الذي صدر نهاية نيسان/ أبريل الماضي، عن المعتقلين المتهمين بـ”الإرهاب”، عدا من تلطخت أيديهم بالدماء، والذي جاء بعد فيديو مجزرة التضامن، “فرصة من ذهب” للحكومة السورية، التي استعادة ثقة شريحة واسعة من السوريين بها، خاصة أنه جاء قبل شهر تقريباً من اجتماع للجنة الدستورية، ما دفع سياسيين معارضين للتسائل فيما إذا كان ملف المعتقلين لا يزال حاضراً في أروقة المعارضة السورية؟.
واليوم يعقد وفدي المعارضة والحكومة السورية اجتماعات اللجنة الدستورية في جولتها الثامنة التي بدأت أمس أولى جلساته في جنيف، برعاية المبعوث الأممي غير بيدرسن.
عدم رضا
وأعرب حسن الحريري عضو اللجنة الدستورية المصغرة في المعارضة، عن عدم رضاه بثناء المبعوث الأممي، ولكنه في ذات الوقت ألمح إلى أنه أمر طبيعي أن يقوم بالترحيب بأي خطوات تتخذ بشأن الملف السوري باعتباره وسيطاً ويهمه السير قدماً لإنهاء النزاع وتطبيق القرارات الدولية.
وقال “الحريري” لنورث برس: “لا نرى أن هذا العفو أو هذا الثناء، قد أسدل الستار على موضوع المعتقلين”.
ونهاية الشهر الماضي، نشرت وكالة “سانا” التي تديرها الحكومة السورية، المرسوم رقم /7/ لعام 2022 الذي يقضي بمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ الثلاثين من نيسان/ أبريل 2022.
ورحّب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، بالعفو الرئاسي، وذلك خلال زيارته إلى دمشق قبيل الجولة الثامنة لاجتماعات اللجنة الدستورية.
وأضاف “الحريري”: “في كل جولة وفي كل لقاء نطرح هذا الموضوع لأن النظام مازال غير ملتزم بإطلاق سراح المعتقلين بشكل حقيقي، لذلك لا يمكن التصور ولا يمكن القبول بأن يكون ملف المعتقلين مجرد مساومة فهو موضوع إنساني”.
ورغم صدور أكثر من مرسوم عفو خلال الـ11 سنة من الحرب في سوريا، إلا أن أسماء سياسيين كثر معارضين للحكومة لم ترد أسمائهم ضمن قوائم المشمولين بالمراسيم.
وقال السياسي المعارض إن “اللجنة الدستورية لن تدخر جهداً في أي لقاء أو اجتماع سواء مع المبعوث الخاص أو مع مندوبي الدول الفاعلة في الشأن السوري، لطرح ملف المعتقلين كملف إنساني”.
وأضاف: “مجزرة التضامن ترقى إلى جريمة حرب. والجرائم ضد الإنسانية لا تنتهي بالتقادم وتبقى سارية المفعول”.
ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية، نهاية نيسان/ أبريل الماضي، تسجيلاً مصوراً، يُظهر ارتكاب عناصر قوات تتبع للحكومة السورية، مجزرة بحي التضامن، جنوب دمشق، راح ضحيتها 41 مدنياً، وتعالت عقب ذلك دعوات للمعارضة بمقاطعة اجتماعات اللجنة الدستورية.
وأشار إلى أنه في حال الوصول إلى حل سياسي، “سيتم طرح هذه المجزرة، ومن جانب آخر هذا الملف يتم العمل عليه مع الشركاء ويتم طرحه أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” بحسب “الحريري”.
وطرحت المعارضة، قضية مجزرة التضامن، بشكل رسمي في لقاء بروكسل، وتم إرسال خطاب رسمي للأمن العام في الأمم المتحدة للتحقيق بالمجزرة.
أخطاء المعارضة
لكن لمى قنوت وهي باحثة وكاتبة سياسية، تقيم في لبنان، اتهمت المعارضة السورية بارتكاب أخطاء فيما يتعلق بملف المعتقلين في مراحل معينة.
وذكرت الباحثة السياسية لنورث برس، مثالاً على تلك الأخطاء، وذلك “عندما تم تحويل قضية المعتقلين والمفقودين إلى مفاوضات أستانا وتحديداً الجولة السادسة منها.
وتم تحويل القضية أو اختزالها بمسألة تبادل المقاتلين ما بين أطراف الصراع “وهذا بالتالي انعكس بشكل سيء على القضية”، بحسب “قنوت”.
وأشارت الباحثة إلى أنه في تلك الأثناء، وبالتحديد في مفاوضات جنيف2 في الثاني والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2014، كانت المعارضة تبحث عن أسماء المعتقلين على صفحات التواصل الاجتماعي، لكنها لم تستطع توثيق أي شيء حينها.
ولم تستغل المعارضة موضوع المعتقلين والمعتقلات في البداية، إذ كان لديها تمويل جيد واهتمام دولي بالقضية السورية، حيث كان باستطاعتها الاستعانة بخبرات دولية لبناء ملفات قانونية ولمعرفة الأساليب المحترفة بعملية توثيق الجرائم والانتهاكات.
ملف قاتل
ونعت الدكتور يحيى العريضي الناطق السابق باسم اللجنة الدستورية، مَن أثنى على مرسوم العفو، “الذي أخرج بضعة أكوام من العظام”، بأنه “إما معمي البصيرة، أو مخادع يروّج للمستبد، ويحرص فقط على وظيفته كمبعوث دولي يعمل ضمن خطة (الخطوة بخطوة) لزهق الحق السوري”.
وقال العريضي لنورث برس: “موضوع المعتقلين هو الملف القاتل بالنسبة للنظام، وهو الذي سيقوده إلى محكمة الجنايات الدولية”.
وشدد على أنه “لا المعارضة تستطيع التغافل عن هذا الملف، ولا من حق أحد العبث به. وهو برسم كل السوريين”.