عُمرٌ جديد لكن بمشكلات اجتماعية.. حال ناجين من معتقل صيدنايا

إدلب- نورث برس

بعد نبأ وفاة استمر لعشر سنوات، كُتبَ لـ”حميد الخطيب” (38 عاماً) وهو نازح في مدينة إدلب، عمرٌ جديد، حيث أفرج عنه من سجن صيدنايا بمرسوم العفو الرئاسي، لكنه مشكلات اجتماعية كانت تنتظره لحظة خروجه.

وفي شباط/ فبراير 2012، أبلغت السلطات في دمشق ذوي “الخطيب”، نبأ وفاته، وذلك بعد ما يقارب الشهر على اعتقاله.

واعتقل الشاب النازح من مدينة معرة النعمان، مطلع كانون الثاني/ يناير عام  2012 بتهمة “الإرهاب”، وذلك على خلفية مشاركته في الاحتجاجات السلمية، التي كانت تنطلق كل يوم جمعة من الجامع الكبير بالمدينة.

عشر سنوات من خبر وفاته، كانت قادرة على أن تغيير حياة ذويه بشكل كامل، وقلبها رأساً على عقب، إذ خرج ليصطدم بوفاة والديه قبل خمسة أعوام، وزواج زوجته من آخر، وذلك بعد أقل من سنة على اعتقاله.

ويقول الشاب الثلاثيني، لنورث برس، إن “الشيء الوحيد الذي كان يواسيني طيلة سنوات الاعتقال، هو أمل اللقاء بزوجتي ووالدي، إلا أني حين خرجت صدمت بواقع خيب كل آمالي”.

ولا يخفي “الخطيب” نيته في الهجرة واللحاق بإخوته إلى تركيا، فلم يبقَ له في المدينة ما يدفعه للبقاء، وقد أصبح وحيداً دون عائلة أو سند أو حتى منزل يأويه.

ويضيف: “أحلم في تكوين أسرة وأطفال، يعينوني على ما تبقى لي في الحياة التي قضيت معظمها في مسالخ صيدنايا بعد أن كتب لي عمرٌ جديد”.

ونهاية الشهر الماضي، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، المرسوم رقم /7/ لعام 2022 الذي يقضي بمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ الثلاثين من نيسان/ أبريل 2022.

واستثنى المرسوم الجرائم التي أفضت إلى موت إنسان، والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم /19/ لعام 2012 وقانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /148/ لعام 1949.

ولم تكن صدمت مصطفى عبيد (35عاماً) وهو من سكان مدينة إدلب، أقلَّ وقعاً من سابقه، حين خرج من سجن “صيدنايا” ليجد زوجته قد تزوجت من شقيقه الذي آثر الزواج منها لعدم تشريد أولاد أخيه، وذلك بعد وصول خبر وفاته.

وبداية الأحداث السورية، اعتقل “عبيد” على أحد حواجز المدينة أثناء توجهه إلى مكان عمله في شركة للاتصالات، ليقضي ما يقارب الـ11 عاماً في المعتقل، دون أن يعلم التهمة المنسوبة إليه، إلا قبل خروجه بساعات.

وأخبره قاضي المحكمة، حينها، أن التهمة التي كانت موجهة إليه، وقضى بسببها كل تلك الفترة بالمعتقل، هي “تمويل الإرهاب”.

وبعد أشهر من اعتقاله، تواصلت عائلته مع أحد المحامين في دمشق، ووكلته بالبحث عن “عبيد”، إلا أنه المحامي نقل لهم خبر وفاته وسلمهم ملابسه وهويته الشخصية مقابل مبلغ 500 ألف ليرة سورية حينها.

ومن ذلك الوقت بدأت المشاكل الاجتماعية تترتب في وجه “شخص فارق الحياة لفترة مؤقتة”، ليتمنى بعد الإفراج عنه “لو مات حقاً” قبل أن يتفاجأ بالأخبار التي تنتظره.

يقول الشاب: “حتى الآن لم أستطع تقبل فكرة أن زوجتي أصبحت زوجة شقيقي”.

والصدمة الأخرى التي تعرض لها “عبيد”، عندما علم أن إخوته الثلاثة قد تقاسموا حصته من ميراث والده، والتي تضمنت أراضٍ وعقارات.

من جهته يقول محمد الإسماعيل (45عاماً) وهو مرشد نفسي واجتماعي من مدينة إدلب، إنه “من الضروري دعم هذه الفئة المهمشة عبر دمجها بالمجتمع المحيط، وذلك من خلال جلسات توعوية تضعهم في صورة الواقع”.

ويضيف “الإسماعيل”: “معظم الناجين يتعرضون لمضايقات وتنمر مقصود أو غير مقصود من المجتمع المحلي، بسبب الجهل في التعامل مع هذه الفئات من خلال نظرة الشفقة والاستعطاف، والتي ربما تؤلمهم أكثر من معاناتهم الأساسية”.

ويحذر المرشد النفسي من خطورة عدم حصول هؤلاء على الدعم المطلوب، لأنها “قد تؤدي لنتائج سلبية، منها الانتحار أو إدمان المخدرات أو ارتكاب الجرائم”.

إعداد: سعيد زينو- تحرير: فنصة تمو