الجدري المائي يتفشى بين أطفال نازحين من عفرين بريف حلب الشمالي
ريف حلب الشمالي – نورث برس
بعد معاناة دامت لعشرة أيام، تعافى ثلاثة من أطفال فاطمة علي (30 عاماً)، من مرض الجدري المائي، لكن لا تزال الأعراض تغطي وجوه وأجساد اثنين آخرين بشكل كبير.
وتلتزم “علي”، بإعطاء الأدوية لطفليها في مواعيدها ودهن الطفوح التي ظهرت عليهما بمرهم مخصص، فضلاً عن إعطائهما خافض حرارة.
وتسهر “علي” وهي نازحة من قرية برج حيدر التابعة لناحية شيراوا بريف عفرين، وتسكن في مخيم سردم بريف حلب الشمالي، طول الليل كله بجانب صغيريها، إذ أنهما لا ينامان من الألم والإرهاق وارتفاع حرارة جسمهما مع استمرار شعورهما بحكة الطفوح.
واضطرت السيدة الثلاثينية لشراء خمسة أنواع من الأدوية وهي عبارة عن مرهم وشراب مضاد فيروسي وشراب التهاب وخافض حرارة بخمسة وثلاثين ألف ليرة وذلك لعدم توفرها في النقطة الطبية في المخيم ومشفى آفرين ببلدة فافين.
وفي مخيمات نازحي عفرين بريف حلب الشمالي، ينتشر مرض الجدري المائي بين أطفال ونساء، وسط فقدان الأدوية وقلتها في النقاط الطبية التابعة للهلال الأحمر الكردي وذلك نتيجة القيود التي تفرضها الحكومة على تلك المنطقة.

إصابات تتزايد
والجدري المائي هو عدوى فيروسية سريعة الانتقال تسبب حمى حادة وطفحاً جلدياً، عادة ما يظهر على الوجه والصدر والظهر ومن ثم ينتشر إلى بقية الجسم.
ومن أعراض المرض، الإقياء وفقدان الشهية والشعور بالإرهاق وخسارة الوزن وارتفاع حرارة الجسم وطفح جلدي مع بثور صغيرة مملوءة بالسوائل وتدوم فترة الإصابة عشرة أيام.
ويرجع نازحون سبب ازدياد الحالات إلى التصاق خيام النازحين ببعضها وغياب الإمكانات الخدمية والصحية المقدمة للنازحين وخاصة أن المرض ينتقل عن طريق ملامسة الطفح الجلدي.
وفي العام 2018 وبسبب العملية العسكرية التركية برفقة فصائل المعارضة الموالية لها ضد منطقة عفرين، لجأ نحو 300 ألف شخص من المنطقة واستقر قسم منهم في مخيمات العودة وعفرين وبرخدان وسردم وشهبا، بينما توزع آخرون على 42 قرية وبلدة بريف حلب الشمالي.
ونزح آخرون إلى مناطق في شمال شرقي سوريا مثل القامشلي وكوباني وديرك والحسكة.
ومنذ بداية هذا الشهر، وحتى الآن، سجل مخيم سردم أربع وعشرين إصابة بالمرض، فيما سجل مخيم برخدان عشرة حالات وقرية الأحداث ثلاث حالات، وفقاً لإحصائيات الهلال الأحمر الكردي العامل في المنطقة.
وتقول سكينة عربو وهي إدارية في نقطة طبية بمخيم سردم تتبع للهلال الأحمر الكردي، إن المخيمات تشهد يومياً ازدياداً في حالات الإصابة بالجدري المائي تصل إلى ما بين خمس أو ست حالات نتيجة انتقال الفيروس من شخص إلى آخر بشكل سريع.
وتشدد “عربو” على ضرورة تلقي الأطفال في مرحلة الإصابة لمضادات التهاب وحكة واستخدام المطهرات الموضعية والمراهم الخاصة وعدم حكة الحبة حتى لا تتشكل بقعة دائمة موضع ظهورها.
أدوية غير متوفرة
ولكن افتقار النقاط الطبية التابعة للهلال المنتشرة في ريف حلب الشمالي إلى أدوية كخافضات حرارة وفيتامينات ومضادات التهاب وغيرها، تزيد من معاناة النازحين وخاصة أن البعض منهم لا يتمكنون من شراءها بسبب الظروف المادية الصعبة.
وتحمل “عربو” المنظمات الدولية مسؤولية تقديم الدعم للنازحين، وسط تحذيرات من ازدياد أعداد الإصابات في الفترة المقبلة، مشددة على ضرورة عزل الأطفال المصابين.
وتعاني مخيمات نازحي عفرين بريف حلب الشمالي من غياب دعم المنظمات الدولية الإغاثية والصحية، الأمر الذي يزيد من معاناتهم وسط قلة فرص العمل.
وبسبب الظروف المعيشية المتردية لعائلتها، لم تتمكن ألماز حسين (40 عاماً) من شراء أدوية لأطفالها الذين أصيبوا بالجدري.

وتتحدث “حسين” وهي من قرية قرزيحل التابعة لناحية بلبل بريف عفرين وتسكن في مخيم سردم، عن عجزها عن تأمين الأدوية من الصيدليات، بعدما أخبرها المشرفون على النقطة الطبية في المخيم بعدم توفرها لديهم.
وتقول “حسين” وهي والدة لخمسة أطفال أصيبوا جميعهم بالمرض، إنها لجأت لوضع كمادات باردة على رأسهم وعدم استحمامهم لمدة أسبوع واتباع حمية في طعامهم.
ولكنها تجد صعوبة في تهدئة طفلها الأصغر سناً الذي يعاني من ارتفاع درجات الحرارة، وفقاً لما تشير إليه لنورث برس.
وفي ذات المخيم، تعبّر موليدة علي (29 عاماً) عن استياءها لما آل إليها حالهم بعد النزوح، وتقول إن السكن في المخيمات يزيد من معاناتهم مع انتشار الأمراض.
وأصيب طفل “علي” بمرض الجدري هذا العام، وتشتكي هي الأخرى من غلاء الأدوية في الصيدليات، إذ اضطرت لشرائها بأكثر من 30 ألف ليرة.
وتتمنى السيدة كما جميع نازحي عفرين أن يعودوا يوماً إلى ديارهم وأراضيهم، حيث “الأمن والصحة”.