الانتهاكات التركية لسد الشهباء بريف حلب الشمالي تتسبب بكارثة مائية

ريف حلب الشمالي- نورث برس

على بعد مسافة واحد كيلومتر فقط من سد الشهباء بريف حلب الشمالي، يقف محمود أوسو (50 عاماً) متأملاً أرضه التي تركها بوراً هذا العام، ويتحسر على ما آلت إليه حال أراضي قريته.

يقول الرجل الخمسيني وهو من سكان قرية قراج حساجك بريف حلب الشمالي، إن أحوالهم تبدلت بنسبة مئة بالمئة عن السابق بعد جفاف نهر قويق.

وينبع قويق من هضبة عنتاب التركية ويصب في منطقة سبخة المطخ جنوب مدينة حلب، ويبلغ طوله 129 كيلومتر ويستقر ما طوله 110 كيلومتراً منه في الأراضي السورية والباقي في تركيا.

وعام 1966، أنشأت الحكومة السورية على النهر، سد الشهباء الذي يقع جنوب شرقي مدينة أعزاز شمالي حلب، ويبعد عن مدينة حلب 35 كيلومتر، وذلك لحماية المدينة من فيضانات قويق.

 ويعد السد حالياً خط تماس بين قوات الحكومة السورية والقوات التركية والفصائل الموالية لها.

وكانت القرى (قول سروج وحساجك وقراج حساجك والوردية وتل المضيق وسموقة وحاسين وفافين والمسلمية) وصولاً إلى مدينة حلب تستفيد من مجرى نهر قويق الذي يصب في الأراضي السورية.

لكن ذلك لم يعد ممكناً بعد جفاف مياه النهر منذ ما يقارب أربع سنوات.

مزارعون متضررون

ويعود سبب الجفاف إلى إنشاء تركيا لسدود على مجرى نهر قويق ضمن أراضيها في مرج دابق، ما أدى إلى انخفاض نسبة المياه التي تمر في الأراضي السورية، إضافة لقلة الأمطار.

“أوسو” كما مزارعي الأراضي التي تقع على ضفتي قويق، كان يزرع أصنافاً مختلفة من الخضراوات والقطن، إضافة لمحاصيل شتوية كالقمح والشعير ويقوم بتركيب مولدة على النهر مباشرة وجر المياه إلى أرضه لسقاية المحاصيل.

وبعد جفاف النهر، لجأ البعض منهم للاعتماد على مياه الآبار الجوفية لسقاية أراضيهم.

ولكن شح الأمطار خلال العامين الماضيين وانقطاع مياه النهر، أدى لانخفاض مستوى منسوب مياه الآبار، ما تسبب بتراجع نسبة الزراعة في تلك المناطق بنسبة 50 بالمئة، بحسب تقديرات مزارعين.

ويضاف إلى كل ما سبق، صعوبة تأمين المازوت لتشغيل المولدات بسبب الحصار الذي تفرضه الحكومة على مناطق بريف حلب الشمالي، حيث يتوزع نازحو عفرين.

ويقول المزارع: “تضررنا في السنوات الأخيرة بشكل كبير”.

وتفرض الحكومة قيوداً على المواد الداخلة من مناطق الجزيرة السورية إلى ريف حلب الشمالي، كالمحروقات والطحين والأدوية وغيرها.

ويتراوح سعر برميل المازوت بريف حلب الشمالي ما بين 700 و800 ألف لير ة سورية، حيث يباع الليتر الواحد بما يقارب 4500 ليرة.

قصف تركي

ولا يتوقف الأمر على انقطاع مياه قويق عن الأراضي السورية فحسب، بل تتعرض منطقة السد والقرى المجاورة للنهر، لقصف متكرر من القوات التركية وفصائل موالية لها.

ووفقاً لشهادات سكان فإن قرى (قول سروج والحصية وشمالي حساجك والقراج  وقراج حساجك) لا يستطيع سكانها جني مواسمهم الزراعية بسبب مخاوفهم من تعرضهم للقصف أو الاستهداف المباشر.

وتعتمد المنطقة القريبة من السد بشكل شبه أساسي على الزراعة، بدءاً من الأشجار المثمرة إلى الخضراوات والبقوليات ولكن خروج أراضٍ عن خط الإنتاج ساهم بزيادة هجرة الشباب. 

ووفقاً لإحصائية حصلت عليها نورث برس من مجلس مقاطعة الشهباء (تقسيم إداري يضم قرى وبلدات في ريف حلب الشمالي) فإن أكثر من 700 شخص من فئة الشباب هاجروا المنطقة خلال 2021.

ويحذر جمعة كالو، الرئيس المشارك لمجلس مقاطعة الشهباء من تداعيات القصف التركي المستمر على منطقة السد، “إذ قد يتسبب ذلك بانهياره بعد أن أدى القصف لحدوث تشققات كثيرة بجسمه”.

ويصف “كالو” جفاف النهر بـ”كارثة بيئة”، إذ أن الضرر لا يقتصر على الزراعة فحسب، بل يؤثر أيضاً على تربية الأسماك، فضلاً عن المشاكل الصحية وانتشار الأمراض الجلدية بسبب كثرة الحشرات في مجرى النهر.

وفي قرية حساجك، يشير عبدالرحمن حسين (60 عاماً) للقرى المحاذية لقريته والتي تقع تحت سيطرة القوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها مثل أرشاف وأخترين ودابق ودويبق وتركمان بارح وتل الحصن واكتة.

 ويقول الرجل الستيني، إن السكان في تلك القرى يقومون بسحب المياه من خلال تركيب مولدات على النهر وسقاية أراضيهم منها.

ويضيف: “انحرمنا من المياه ومن الأسماك التي كانت تتوفر بكثرة في بحيرة السد ولم يبقَ سوى الحشرات كالبرغش والذباب بعد جفاف النهر”.

 إعداد: فايا ميلاد –  تحرير: سوزدار محمد