الصيف على الأبواب ومازوت تدفئة الشتاء لم يوزع بعد على آلاف العائلات
دمشق- نورث برس
يشتكي آلاف السكان في دمشق كما غيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، من عدم استلامهم لمخصصاتهم من مازوت التدفئة عبر البطاقة الذكية والمقدرة بـ 50 ليتراً لكل عائلة، رغم انقضاء فصل الشتاء.
وللعام الثالث، لم تستلم عائلات مخصصاتها من مازوت التدفئة رغم تخفيض الكميات عاماً بعد آخر، بينما استلمت أخرى مخصصاتها العام الماضي أو الذي سبقه.
والشتاء الفائت، خفضت الحكومة السورية مخصصات السكان من مازوت التدفئة بمقدار النصف، لتصبح 100 ليتر بدلاً من 200 ليتر.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن الحكومة أوقفت توزيع الدفعة الثانية من مازوت التدفئة، التي كانت قد أعلنت عن البدء في توزيعها سابقاً، كخطوة احترازية لمواجهة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
وغضت وزارة النفط والثروات المعدنية الطرف عن توزيع الـ 50 ليتراً من المازوت، التي كانت أعلنت عنها بالسعر الحر عبر البطاقة الذكية.
وفي آذار/ مارس الماضي، أعلن عضو المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات بمحافظة ريف دمشق، ريدان الشيخ، في تصريح لإذاعة محلية عن وصول نسبة توزيع مادة التدفئة في المحافظة إلى 25% فقط من نسبة العائلات المستحقة.
وقال “الشيخ” حينها، إن عدد العائلات التي تسلمت مخصصاتها من الدفعة الثانية وصل إلى 148 ألف بطاقة ذكية، من أصل 780 ألف بطاقة في المحافظة.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن نسبة توزيع المادة زاد بمعدل 20 طلباً يومياً خلال شباط/ فبراير الماضي، بينما تم تخفيض عدد الطلبات مع تحسن حالة الطقس إذ ينفذ حالياً حوالي طلب واحد إلى ثلاثة طلبات يومياً فقط، بسبب وضع المادة وقلتها.
“فساد”
وحتى الآن، لم يحصل علي رسلان (32 عاماً)، وهو اسم مستعار لصاحب سوبر ماركت في شيخ سعد غرب دمشق على الدفعة الثانية من المازوت.
ويقول الرجل: “بدأ فصل الصيف ولم أحصل على المازوت بعد، إنها دائرة متكاملة من الفاسدين، تبدأ بمن حرمنا من مستحقاتنا من الدفعة الثانية، وتنتهي عند من يحتكر المازوت ليبيعه في سوق السوداء بثمن غالي”.
ويتساءل: “من أين يحصل تجار السوق السوداء على المازوت، من الغريب أن يتوفر المازوت والغاز بكميات كبيرة في السوق، في الوقت الذي تعلن فيه حكومتنا عن وجود أزمة محروقات؟”
ويختصر الفساد وسوء الخدمات الواقع المعيشي في البلد، “لا مازوت، لا غاز، لا كهرباء، لا ماء، لا مال، لا ضمير، وفوق كل ذلك غلاء يومي”.
ويتراوح سعر الليتر الواحد من المازوت في السوق السوداء بين الـ 3000 و5000 ليرة سورية، في حين لا يتجاوز سعر الليتر عبر البطاقة الذكية 1700 ليرة سورية.
والشتاء الماضي، لجأ سكان دمشق من ذوي الدخل المحدود، إلى استخدام وسائل تدفئة بدائية مثل مدفأة الحطب وموقد الكحول والفحم الحجري، في ظل عدم كفاية مازوت التدفئة المخصص لهم والتقنين الكهربائي الطويل.
“معاناة تعيسة”
وبحسب بعض المراقبين، فإن مناطق الحكومة السورية التي تشهد أزمة حادة في المشتقات النفطية والمحروقات بمناطقها، رفعت أسعارها وأوقفت توزيع الدفعة الثانية من المازوت على السكان كخطوة لحل الأزمة الحالية.
والشتاء الماضي كما الذي سبقه، لم يستلم نزار أحمد (44 عاماً)، وهو اسم مستعار لموظف حكومي، مخصصاته من الدفعتين الأولى والثانية، واضطر لشراء ليتر المازوت بـ 5000 ليرة سورية من السوق السوداء.
ويقول الرجل الأربعيني متذمراً، “لم تكن الحكومة جادة في توزيع الدفعة الثانية منذ البداية، فما أن بدأت الحرب الروسية الأوكرانية حتى تحججت بها لتتهرب من التوزيع بذريعة وجود أزمة محروقات”.
ويشير إلى أن الحكومة بدأت بإيقاف توزيع الدفعة الثانية من مازوت التدفئة مع انتهاء الشتاء، “وستتغاضى عن قرارها حتى ننسى مخصصاتنا كما العادة، لتقوم بعدها بضخها في السوق السوداء والاستفادة منها”.
وقضت عائلة “أحمد” كما آلاف العائلات أياماً صعبة في الشتاء بالتزامن مع الانقطاع الطويل للكهرباء في ظل عجزهم عن تأمين المازوت من السوق السوداء باستمرار.
ويضيف “أحمد” باستياء، “هكذا تسير حياتنا من سيء لأسوأ، وللأسف لا يوجد أي حل لهذه المعاناة التعيسة من قبل الجهات المسؤولة”.