أضرار بيئية وأمراض تنفسية تسببها النفايات المحروقة في مكب غرب السويداء
السويداء- نورث برس
على طريق قرية كناكر غرب مدينة السويداء، جنوبي سوريا، يقف زيدان علم الدين متأملاً أرضه, بعدما خرجت عن خط الإنتاج، بينما يتصاعد في الأرجاء دخان وتتطاير نفايات.
وقبل سنوات، اضطر الرجل وهو مزارع من مدينة السويداء لاقتلاع كل أشجار الزيتون في أرضه التي تقع جنوب مكب نفايات، بعدما تحول لون أوراقها إلى الأسود وأصاب العفن ثمارها.
ولم يكلف المزارع نفسه عناء زراعة محاصيل أخرى، فهو يعلم جيداً أنها “زراعة خاسرة” على حد تعبيره، في ظل استمرار حرق النفايات على مسافة ليست بعيدة عن أرضه.

ومنذ عام 2000، بدأت بلدية السويداء بتجميع القمامة من المدينة وحرقها في أرض على جانبي طريق كناكر.
ويتم تجميع القمامة على جانبي الطريق المؤدي إلى المكب بشكل كبير، حيث تتناثر قطع الزجاج المكسور والقمامة، إضافة لانتشار الحشرات والقوارض والكلاب الشاردة التي تتجمع في المنطقة.
وتقع مقبرة مدينة السويداء غير بعيدة عن المكب وطريقها مكدس بالقمامة بين مدينة السويداء وقرية كناكر غرباً.
ويقوم عمال بلديات السويداء بحرق النفايات في المكب شهرياً أغلب الأحيان، وتظل الأدخنة تتصاعد لعدة أيام، تحركها الرياح بعدة اتجاهات.
وتسببت عمليات الحرق والدخان الكثيف المنبعث منها بانتشار أمراض صدرية بين سكان القرى المجاورة للمكب، بالإضافة لانتشار الحشرات الناقلة للأمراض، فضلاً عن روائح كريهة، بحسب سكان.
كما أدى تصرف عمال النظافة لاحتراق عدد من حقول القمح نتيجة تتطاير شرارات النار إلى الأراضي المتاخمة للمكب.
ويقول خلدون علي وهو اسم مستعار لطبيب اختصاص أنف وأذن وحنجرة في مدينة شهبا شمالي مدينة السويداء إن الأدخنة الناتجة عن حرق البلاستيك واللدائن والأخشاب المطلية والنفايات بمختلف أنواعها وما يتطاير من تلك المواد، تسبب ضيقاً في التنفس.
بالإضافة إلى حرقة في العيون وحكة في الأنف والحلق ونوبات ربو وسعال وصداع ومشاكل لمرضى الجهاز التنفسي بشكل عام، ناهيك عن أضرار جلدية.
وينوه الطبيب الذي فضل عدم نشر اسمه، إلى أن هناك دراسات تؤكد أن حرق البلاستيك وبعض المعادن يسبب أنواعاً من السرطانات.
من جانبها، تؤكد سها حاتم وهي مهندسة من السويداء تعمل في شركة تدوير نفايات في الخليج العربي، إن حرق النفايات يؤدي إلى تلوث الهواء والماء والتربة عبر بقايا الحريق المتناثر.
وتشير إلى أن تلك البقايا من الممكن أن تدخل بتركيب النباتات عن طريق الامتصاص وبالتالي تدخل إلى ثمارها وتلوثها.

ولا يقتصر الضرر على ذلك فحسب، بل يتسبب حرق النفايات أيضاً على تلوث المياه والهواء، حيث تنتج عملية الحرق أدخنة مضرة بالبيئة مثل غاز الميثان وغاز أحادي الكربون الضار بطبقات الغلاف الجوي بشكل عام، بحسب “حاتم”.
ومنذ أن تم تجميع القمامة في المكب المحاذي لأرض عمر أبو حلا (٢٧ عاماً)، توقف عن زراعتها.
وتبلغ مساحة أرض “أبو حلا” ١٨ دونماً، مزروعة بأشجار الزيتون، “لا نعمل فيها كنا نستثمرها فلاحة أو قطفاً. لكن بعد وضع تراكم القمامة بالقرب منها توقفنا عن زراعتها”.
ويضيف الشاب: “حاول والدي بيعها لكن أحداً لم يرغب بشرائها بسبب النفايات”.