محللون أتراك يوضحون مدى إمكانية إعادة أنقرة لعلاقاتها مع دمشق

اسطنبول ـ نورث برس

 

تحاول تركيا إيصال تلميحات ورسائل سياسية للاعبين الرئيسيين وصناع القرار في الملف السوري، وآخرها التصريحات الصادرة عن الرئاسة التركية والتي تنفي صحة أي حديث عن تخلي الرئيس السوري "بشار الأسد" عن منصبه.

 

وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، قال في تصريحات صحفية قبل أيام، إن "ما يشاع عن أن الأسد سيتخلى عن منصبه وسيلجأ إلى دولة أخرى، مجرد ادعاءات، وتم تكذيبها لاحقاً من قِبل جهات مختلفة".

 

وأضاف أن "ما يجب فعله في سوريا، هو تحقيق تقدم في المسار السياسي بموجب القرار الأممي رقم (2254)، وإكمال أعمال لجنة صياغة الدستور التي ستجتمع في أغسطس القادم، ومن المهم أن تكون النتيجة التي ستصدر عن اللجنة ملزمة للجميع".

 

لا لقاء

 

وحول ذلك قال المحلل السياسي التركي عمر آل حسون الهاشمي، لـ "نورث برس"، "لا أعتقد أن يكون هناك أي لقاء سيجمع وزراء البلدين، خصوصاً وأن الأتراك على علم أن القرار في سوريا أصبح بيد الروس الذين يتصرفون بكل القرار السوري بما فيه المفاوضات السياسية".

 

أما المحلل السياسي التركي "حافظ أوغلو" قال لـ "نورث برس"، إنه "لا شك أن المشهد السوري يتطور ويتصاعد في ظل تطور الملف الليبي، ولكن من المستبعد أن يكون هناك أي لقاء على مستوى وزراء الخارجية بين تركيا وسوريا".

 

في حين رأى الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية "عودة أوغلو"، أنه "يبدو من الصعب جداً في ظل التطورات الحاصلة في المشهد السوري الحديث عن عودة العلاقات التركية مع نظام الأسد (على المستوى السياسي)، ودفع المعارضة السورية نحو خيار التسوية مع النظام، ويبدو مستبعداً وغير قابل للتطبيق في ظل العقوبات الأمريكية الأخيرة (قانون قيصر) الذي يهدف لتضيق الخناق على النظام السوري".

 

مصير النازحين والمهجرين

 

ووسط تلك التصريحات السياسية من الرئاسة التركية، كان للتصريحات حول مصير النازحين والمهجرين والسكان الأصليين المقيمين في إدلب نصيب من إثارة الجدل والتساؤلات.

 

وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية "كالن" ألمح إلى أنه "في حال لم يتم تحقيق الأمن في إدلب، فإنه من غير الممكن على المدى البعيد الإبقاء على /3.5/ مليون شخص محاصرين في تلك البقعة الضيقة في إدلب، وبالتالي لن يكون لديهم مجال للذهاب إلى مكان آخر سوى تركيا".

 

ورأى "حافظ أوغلو" في تلك التلميحات "رسائل سياسية للغرب عموماً ولروسيا وأمريكا خصوصاً بأن تركيا لا يمكن أن تستقبل شخصاً واحداً من هؤلاء الـ/3.5/ من منطقة إدلب، وعليه لابد من الضغط السياسي لحل الملف السوري، وإلا سوف تضطر تركيا أن تفتح الباب مجدداً أمام اللاجئين للتوجه صوب أوروبا".

 

وأضاف أن "الكلام لا يفهم إلا على أنه رسالة سياسية وأنه يتوجب على الدول الفاعلة واللاعبين الإقليميين أن يمارسوا ضغطاً أكبر لإنهاء المأساة السورية".

 

قلق تركي

 

أما "عودة أوغلو" فقال إنه "على صعيد الأوضاع  في إدلب، فيمكن تفسير التصريحات التركية الأخيرة بأن هناك قلق تركي واضح من التحركات الروسية في إدلب، والتي تهدف لبسط نفوذها في مناطق مؤثرة بالأمن القومي التركي للضغط على أنقرة للتفاوض مع موسكو ليس في الملف السوري فحسب بل بالملف الليبي أيضاً، وهو الأهم للروس حالياً في ظل النجاحات التي حققها الأتراك على الساحة الليبية".

 

ولا تعد تلك التصريحات التركية والرسائل هي الأولى من نوعها فيما يتعلق بمنطقة إدلب وتطورات الملف السوري، خاصة في ظل شعورها بأن روسيا غير راضية عن تصرفات تركيا في ليبيا، ما يجعلها تضغط على تركيا من بوابة إدلب.

 

وآخر تلك الرسائل هي ما حاولت تركيا إيصاله عن أن "توازن القوى بمنطقة إدلب مرتبط بخيط هش من القطن"، الأمر الذي يفهم منه أن منطقة إدلب ربما تكون أمام سيناريوهات قادمة، تطغى فيها المصالح على حساب الحالة الإنسانية، وفق مراقبين.

 

وفي كل مرة تشعر تركيا بهذا الضغط، فإنها تسعى للتلويح بورقة سكان منطقة إدلب، بينما ترد عليها روسيا في ليبيا، رغم كل الاتفاقيات الموقعة بينها وبين تركيا، وآخرها في 5 آذار/ مارس الماضي، والتي تقضي بوقف إطلاق النار في إدلب، وتسيير دوريات مشتركة على طريق حلب ـ اللاذقية.