معتقلون من ريف الحسكة شملهم العفو لم تعرف عائلاتهم مصيرهم بعد
الشدادي – نورث برس
يتابع باسل المحمد (29 عامأً) وهو من سكان مدينة الشدادي، جنوب الحسكة، الأنباء التي ترد عن المعتقلين المفرج عنهم في سجن صيدنايا، ويحذوه أملٌ أن يكون والده المعتقل أحدهم.
والد “محمد”، كان قد اعتقل قبل نحو عشر سنوات، أثناء عبوره أمام حاجز عسكري لقوات الحكومة السورية في إحدى ضواحي دمشق.
ويقول الشاب، لنورث برس، إن والده لم يكن منتمياً لأي جهة عسكرية أو مشاركاً في الاحتجاجات ضد الحكومة التي انطلقت في 2011، إذ كان يقيم في دمشق للعمل فقط، مرجحاً أن يكون الاعتقال بسبب “تقرير كيدي”.
ويذكر” المحمد” أن والده اعتُقل مع أحد أصدقائه، وبعد عدة أشهر أطلقت السلطات الحكومية سبيل صديقه الذي أخبرهم بواقعة اعتقالهما, “ولكن المفارقة أن صديق والدي توفي بعد نحو ساعتين من وصوله لمنزله بعد إخلاء سبيله”.
وكانت الحكومة السورية قد أفرجت عن عشرات المعتقلين، وفق مرسوم “عفو” أصدره الرئيس السوري بشار الأسد قبيل عيد الفطر؛ ويقضي بإسقاط التهم عن المطلوبين لمحكمة الإرهاب حتى تاريخ الثلاثين من نيسان/ أبريل الماضي.
وبحسب مصادر حقوقية فإن أعداد المفرج عنهم لغاية الآن لم تتجاوز المئات، في حين تتحدث تقارير حقوقية أممية أن أعداد المعتقلين لدى الحكومة السورية تبلغ عشرات الآلاف.
وقبل عدة أيام، قال مسؤول لجنة التحقيق المعنية بسوريا في الأمم المتحدة، باولو بينيرو، إن “التوقعات تشير إلى أن معظم المعتقلين أعدموا ودفنوا في مقابر جماعية”.
ورغم أن معظم ذوي المعتقلين عجزوا خلال السنوات الماضية من الوصول إلى معلومات عن مصيرهم، إلا أن العفو الرئاسي الأخير، زرع في نفوسهم بصيص أمل.
و”المحمد” مثله مثل ذوي أغلب المعتقلين، لم يترك باباً إلا وطرقه للوصول إلى معلومة حول مصير والده، ولكن دون جدوى.
ويشير الشاب إلى أنه بعد مرور ثمانية أشهر من البحث عن والده بعد الاعتقال، قدم لهم أحد الأفرع الأمنية بمدينة دمشق أوراقه الثبوتية وأخبرهم بأن الوالد فقد حياته متأثراً بسكتة قلبية، ولكنهم حين طالبوا بالجثة لم يحصلوا على إجابة.
وطالما ليس هناك جثة، فإن “المحمد” وعائلته متمسكون بأمل بقاء والدهم على قيد الحياة على غرار معتقلين وصل نبأ وفاتهم إلى ذويهم، ثم تبين أنهم أحياء بعد أن عادوا إلى منازلهم بمرسوم العفو.
و”المحمد” ليس الوحيد الذي ينتظر والده، بل هناك مئات العائلات في الحسكة وريفها تنتظر معتقليها لدى الحكومة السورية.
ويقول منذر العويد، وهو شاب يبلغ من العمر (25 عاماً) من ريف الشدادي إنه منذ عشر سنوات اعُتقل والده على أحد الحواجز الأمنية في القامشلي، “رغم أنه لم يشارك حينها بأي حراك مدني أو عسكري ضد الحكومة السورية”.
ويشير “العويد” إلى أنه بعد اعتقال والده بفترة زمنية تم تحويله إلى سجون دمشق، “وهناك فقدنا التواصل معه، بحثنا عنه في كل مكان ولكن لم نصل إلى أي معلومة عن مكان تواجده”.
ويترقب “العويد” و”المحمد” بعينٍ مطار القامشلي، حيث وصل إليه قبل أيام مفرجٍ عنهم من أبناء الحسكة، وبالعين الثانية مواقع التواصل الاجتماعي علّهم يعثرون على معلومة تثبت بقاء والديهما على قيد الحياة.
وعلى غرار العديد من ذوي معتقلين، دفعت عائلة “العويد” مبالغ مالية “كبيرة” كان يطلبها بعض الضباط لمساعدتهم في معرفة مصير الوالد ومكان تواجده، “ولكن دون جدوى”.
وبعد سنوات من البحث، تم إبلاغهم بأن والده فارق الحياة داخل السجن، كما وتم تسليمهم أوراقه الثبوتية ولكن دون جثة.