نازحون من عفرين وتل أبيض: المشروع التركي الاستيطاني يشبه “الحزام العربي”
كوباني- نورث برس
منذ أن أعلن مسؤولون أتراك عن مشروع لإعادة مليون لاجئ سوري من خلال بناء وحدات سكنية استيطانية في مناطق تسيطر عليها تركيا وفصائل معارضة، تزداد مخاوف النازحين في تلك المناطق من أن يفضي المشروع إلى استحالة عودتهم إلى منازلهم.
ويدين هؤلاء المشروع الذي يهدف إلى التغيير الديمغرافي وتعزيز الاستيطان في مناطقهم.
والأسبوع الماضي، قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في مقابلة تلفزيونية محلية، إن “تركيا أعدت 13 مشروعاً تتضمن بناء 250 ألف منزل في مناطق الباب وجرابلس ورأس العين وتل أبيض لتوفير العودة الطوعية لمليون سوري”.
وأضاف حينها، أن المشروع يستهدف السوريين الحاصلين على الحماية المؤقتة في تركيا، وأنه يمنح السوريين حق الانتفاع بالمنازل لمدة خمس أو عشر سنوات.
وفي جامعة كوباني، قال محمد رشيد وهو نازح من منطقة عفرين ومدرس في الجامعة، إن “قرار بناء مستوطنات في المناطق المحتلة من قبل تركيا يهدف إلى إحداث تغييرات ديموغرافية بما يشبه بناء الحزام العربي من قبل النظام السوري سابقاً”.
ورأى أن هناك “بعدٌ أمني للمستوطنات عبر جلب عائلات تحمل الفكر الإسلامي الشوفيني المؤيد للدولة التركية أو عائلات غريبة عن المنطقة في سبيل التأثير على ديمغرافية المنطقة وتركيبتها السكانية”.
وندد “رشيد”، بالقرار التركي الجديد، “القرار هو مكمل لما تم بنائه سابقاً في قرى عفرين، بهدف إنهاء حلم المهجرين ومكونات منطقة عفرين بالعودة إلى منازلهم وقراهم”.
“قرى باتت منطقة عسكرية”
ويحدث كل هذا، وسط صمت المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية وعدم تدخل الولايات المتحدة الأميركية وروسيا اللتين تتواجدان في مناطق مختلفة من سوريا.
ورغم استهجان سكان ونازحين في مناطق مختلفة من سوريا سواء في إدلب أو في مناطق شمال شرقي سوريا ولاجئين سوريين في تركيا لمشروع التوطين، لم تبدِ الحكومة السورية حتى الآن أي موقف تجاه المشروع.
ونوه “رشيد” إلى أنه على “النظام السوري التحرك في المحافل الدولية لفضح الممارسات التركية في عموم الأراضي المحتلة بما فيها سياسات التتريك والتغيير الديمغرافي الذي سيكون له تبعات خطيرة على أمن وسلامة المجتمع السوري في المستقبل”.
ويرى آخرون أن المناطق التي تعتزم تركيا إعادة اللاجئين السوريين إليها “غير آمنة” وهي معرضة للقصف من قبل أطراف النزاع المختلفة في سوريا، وهو ما يمنع محمد علي، من العودة إلى قريته تنوزة بريف تل أبيض الغربي.
وقال “علي” وهو طبيب يعمل في مدينة كوباني إن قريته أصبحت منطقة عسكرية بعد إنشاء قاعدة تركية فيها، إضافة إلى إنشاء قاعدة للفصائل الموالية لها ومقر للاستخبارات فيها، وإسكان بعض عائلات المسلحين فيها.
“غطاء تركي”
وذكر الطبيب لنورث برس أن هناك بعض المسنين حاولوا العودة إلى قراهم في تل أبيض ولكن تم اعتقالهم من قبل فصائل معارضة واحتجازهم وطلب الفدية لقاء إطلاق سراحهم.
وأشار “علي” إلى أن أبناء هؤلاء اضطروا لدفع الفدية عبر تحويل الأموال للمدن التركية، حيث تم إطلاق سراح المسنين بشرط عدم مكوثهم في قراهم والعودة لمناطق الإدارة الذاتية.
وأيد الطبيب سابقه في الهدف الأول من المشروع التركي هو محاولة تغيير ديمغرافية المنطقة، وخاصة بعد تهجير الكرد بنسبة مئة بالمئة من مناطق تل أبيض وسري كانيه(رأس العين).
وتهدف تركيا من وراء بناء المستوطنات تقليل نسبة الكرد على الحدود السورية التركية، ليكون لها يد في المنطقة على الأمد الطويل، عبر وجود قواعد لها أو وجود سلطات محلية سورية بغطاء تركي، بحسب الطبيب.
ولفت “علي” إلى أن هناك تواطئ على السكان الكرد في المنطقة عبر توطين المهجرين من الداخل السوري في المناطق ذات الغالبية الكردية.
كما أن هناك سياسة أخرى تمارس في المنطقة، تتمثل بهدم منازل السكان الأصليين، بحيث إذا أصبحت هناك تسوية سياسية وعاد النازحون إلى قراهم، فإنهم سيرون أنقاض منازلهم وبالتالي قد يدفعهم ذلك إلى الهجرة مرة أخرى، وفقاً للطبيب.