سكان في دمشق: غياب الموقف الحكومي من بناء المستوطنات التركية أمر معيب

دمشق-  نورث برس

يصف سكان وناشطون في العاصمة دمشق، غياب موقف الحكومة السورية من عمليات بناء تركيا لمستوطنات في مناطق تسيطر عليها بسوريا “أمر معيب جداً”،  حيث أن دور الحكومة غائب عملياً وإعلامياً.

ويقول عامر أحمد (43 عاماً)، وهو اسم مستعار لناشط في مجال حقوق الإنسان يسكن في دمشق، إن “الأسوأ من المستوطنات هو سلبية الحكومة، إذ أنها تتصرف وكأن الأمر لا يعنيها”.

ويرى الناشط أن هناك ضرورة ملحة لتدخل الحكومة لوقف الاستيطان التركي في عفرين، “فالاستيطان من شأنه تغيير تاريخ المنطقة بأكملها، وهو الوجه الأسوأ لعملية الاحتلال التركي للأرض السورية وتفريغها من سكانها الأصليين”.

ومؤخراً، ​قال الرّئيس التّركي، رجب طيب أردوغان​، إنه “يتم التّحضير لمشروع جديد يتيح العودة الطوعية لمليون شخص من أشقائنا السوريين، الذين نستضيفهم في بلادنا إلى المناطق الآمنة شمالي ​سوريا”.

وخلال الفترات الماضية، قامت منظمات محلية مرخصة من أنقرة ببناء مشاريع استيطانية في عفرين بضخ من أموال الكويت.

أبرز تلك المشاريع إنشاء مشروع سكني في ناحية شيراوا جنوبي عفرين، يتألف من 300 وحدة سكنية وذلك بتمويل كويتي قطري تحت إشراف “جمعية شام الخير” المسجلة في تركيا.

ومشروع “بسمة” في قرية شاديرة في شيراوا، يضم 12 وحدة سكنية مؤلفة من 144 شقة بإشراف “جمعية الأيادي البيضاء” الكويتية.

الموقف الحكومي غائب

ومنذ أن سيطرت تركيا وفصائل المعارضة الموالية لها على عفرين عام 2018، نزح حوالي 300 ألف شخص منها بحسب إحصائيات للإدارة الذاتية.

وعملت تركيا على توطين عائلات في عفرين معظمها تنحدر من ريف دمشق ومحافظتي حمص وحماة وجنوب إدلب عقب سيطرة القوات الحكومية على تلك المناطق.

ورغم استهجان سكان ونازحون في مناطق مختلفة من سوريا سواء في إدلب أو في مناطق شمال شرقي سوريا ولاجئون سوريون في تركيا لمشروع المستوطنات وترحيل سوريين في تركيا، لم تبدِ الحكومة السورية حتى الآن أي موقف تجاه الأمر.

ويحذر “أحمد” من تداعيات مشروع الاستيطان التركي على الأرض السورية، “سيكون للاستيطان في عفرين دور بارز في تحقيق المشروع التركي التوسعي في سوريا، إذا لم يتم وقفه بالسرعة القصوى”.

ويقول: “المستوطنات التركية في عفرين غير قانونية، فهي لا تنتهك حقوق وأراضي السكان فحسب، بل القانون السوري أيضاً، لأنها أُنشِئت دون إذن من الحكومة”.

وكسابقه، ينتقد أنور العلي (37 عاماً)، وهو اسم مستعار لمعلم يسكن في حي الشيخ محي الدين شمال دمشق، غياب الموقف الحكومي من “احتلال عفرين”.

ويقول المعلم: “انتهاكات تركيا لا تعد ولا تحصى ولا تنتهي، وكل ذلك والحكومة واقفة في مكانها، وكأن عفرين ليست سورية، حتى أنها لا تكلف نفسها ببيان أو تنديد لما يحصل على أراضيها”.

“استعمار عفرين”

وفي استطلاع أجرته نورث برس في دمشق عن آراء السكان في بناء المستوطنات التركية في عفرين، طرحت أسئلة على أكثر من 50 شخصاً، تم اختيارهم بشكل عشوائي.

تبين أن 47 منهم لا يملكون أي فكرة عمّا يحدث في عفرين، في حين عزا البعض السبب إلى تقصير الحكومة السورية والإعلام السوري في تسليط الضوء عن ما يجري هناك.

ويؤكد “العلي” أن “الاستيطان التركي ليس مشروعاً إنسانياً كما يدعي أردوغان، وإنما مشروع عسكري استراتيجي”.

ويتفق هو الآخر مع سابقه، أن على الحكومة أن تتحرك وتضع حداً لهذه الانتهاكات التي تطال سيادة الأرض السورية.

ويجد المعلم أن الترحيل القسري للاجئين السوريين إلى سوريا على حساب طرد سكان عفرين الذين هم أصحاب الأرض ومصادرة منازلهم وتسليهما لآخرين، سيكون له تداعيات خطيرة مستقبلاً.

وسيكون عائقاً على أمن سوريا وسلامتها، كونه سيعزز التوسع التركي عن طريق بناء مستوطنات تركية، بحسب “العلي”.

ويتساءل: “أين الإنسانية التي يمننا بها أردوغان؟، وهو يقوم بإحلال كتلة بشرية من بعض مسلحيه أو عدد من اللاجئين السورين الذين استقروا في تركيا ولا يريدون الرجوع، محل السكان الأصليين، هذا استعمار يحاولون شرعنته”.

ويرى الرجل الثلاثيني، بأن المستوطنات في عفرين رأس جسر لكسب مزيد من الأرض السورية من خلال نزع الملكية وإزالة المزروعات واقتلاع أشجار الزيتون التي تشكل مصدراً هاماً ورئيسياً من مصادر دخل سكان عفرين، لما يتطلّبه الاستيطان من مصادرة مساحات شاسعة.

إعداد: ياسمين علي – تحرير: سوزدار محمد