الهجرة العكسية.. مقصد سكان في السويداء للهروب من غلاء المعيشة
السويداء- نورث برس
ينوي عزت الشوفي (34 عاماً) وهو صاحب محل تجاري لبيع المواد الغذائية في مدينة السويداء، جنوبي سوريا، الانتقال إلى قريته صما في الريف الجنوبي للسويداء والعمل في الزراعة وتربية المواشي.
يقول الرجل، بينما كان يرتاده بضع زبائن بين الحين والآخر، إن الارتفاع المُستمر في الأسعار وضعف الشراء أدى لتردي المردود المادي لمحله ولم يعد قادراً على دفع الإيجار للمحل والمنزل الذي يستأجره.
ورغم أنه يعلم تراجع مردود العمل في الزراعة وتربية المواشي، “إلا أنه يبقى أفضل في ظل عدم قدرتي على دفع إيجار منزلي ومحلي”، بحسب ما يقول “الشوفي”.
وعلى خلاف السنوات الماضية، دفعت الظروف المعيشية المتردية، عائلات من السويداء، للانتقال من المدينة إلى الريف بهدف التخلص من بعض الأعباء المالية لاسيما بدل إيجار السكن.
وغالبية سكان السويداء لهم جذور في الريف، انتقلوا طوال عقود ماضية إلى المدينة كحالة طبيعية للتطور البشري ولأسباب مختلفة قد تتعلق بالعمل في التجارة أو في وظيفة حكومية، أو بطء التنمية التي يشهدها الريف السوري عموماً.
ورغم افتقار الأرياف لمشاريع اقتصادية وتقليص دعم الزراعة من قبل الحكومة ورفع سعر المشتقات النفطية وخروج مساحات من الأراضي عن خط الإنتاج، إلا أن سكاناً في المدينة يفضلون السكن في الريف.
وأعادوا السبب إلى أن الحصول على المواد المعيشية الأساسية في الريف أقل صعوبة من المدن مثل مياه الشرب ومنتجات المواشي، كما أن المواد الغذائية تكون أسعارها أقل مقارنة مع المدينة.
وتشهد المدينة ارتفاعاً كبيراً في إيجارات المنازل والشقق السكنية، حيث يبلغ متوسط إيجار شقة سكنية مئة ألف ليرة سورية شهرياً، بالإضافة إلى فواتير المياه والكهرباء.
كما يعاني السكان من تردي الوضع المعيشي نتيجة ارتفاع الأسعار ونقص المحروقات، ما أدى لكساد تجاري وتعطل في عجلة الاقتصاد في المحافظة.
ويرى بعض الاقتصاديين في السويداء أن الانتقال من المدينة إلى الريف حالة إيجابية.
وبحسب أشرف حسان وهو خريج دراسات عليا فرع تجارة واقتصاد من السويداء، فإن الانتقال من المدينة إلى الريف، والاعتماد على مصادر الدخل في الريف من زراعة وتربية الماشية، يُزيد الوارد الاقتصاد المحلي من خلال المساهمة في زيادة المساحات المزروعة، وكذلك زيادة الإنتاج الحيواني.
وفي الأرياف، يعتمد السكان بشكل أساسي على الزراعات المختلفة وتربية المواشي لتأمين المتطلبات المعيشية اليومية وسط تراجع مردود المحاصيل نتيجة غلاء المواد الأولية وصعوبة التسويق.
وسابقاً، كانت الوظيفة الحكومية أحد الأسباب للانتقال من الريف إلى المدينة، ولكن مع انخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية وعدم تماشي راتب الموظف الحكومي مع التضخم في الأسعار، جعل موظفين حكوميين يستقيلون من وظائفهم، ويقررون الانتقال إلى الريف مثلما فعل حاتم نصر وهو اسم مستعار لموظف في دائرة حكومية بمدينة السويداء.
والشهر الماضي، انتقل “نصر” من مدينة السويداء إلى قريته قيصما بالريف الشرقي.
وكان “نصر” قد انتقل إلى المدينة منذ عشر أعوام بسبب طبيعة عمله في دائرة حكومية، إضافة لسعيه لتعليم أولاده في المدارس الثانوية والجامعات.
وحالياً ينوي الرجل افتتاح محل صغير لبيع المواد الغذائية في قريته بعدما تقدم بطلب استقالة من الوظيفة، كما أن أولاده قد تخرجوا من الجامعة، “ولم أعد أستطيع تحمل مصاريف السكن في المدينة”.
ومؤخراً، انتقل حمزة نمور وهو عامل في بناء الطوب للعيش في قريته بالريف الشرقي للسويداء.
وأشار إلى أن المدخول الذي كان يأتيه من العمل في مجال البناء لا يلبي احتياجاته اليومية، وأنه سوف يعمل في مزرعة لتربية الماشية، وهي تعود لأحد أبناء السويداء المغتربين.